لا يزال بعض المواطنين يعاني من انتشار بعض الأوبئة والأمراض المفاجئة، بسبب ضعف العناية الصحية، ولعل أكثر المتضررين منها هم الأطفال، وأكثر الأمراض التي انتشرت في السنوات الأخيرة في مكةالمكرمةوجدة، وهو مرض حمى الضنك، الذي يسببه انتشار البعوض في هاتين المدينتين، ولم يتم القضاء عليه، فهو منتشر بشكل كبير في هاتين المدينتين. وحمى الضنك أو ألدنج ( Dengue fever) كما يطلق عليه، وهو مرض فيروسي كما يذكر أهل الطب، ينتقل عن طريق لدغة بعوضة. ويعتبر اليوم أكثر الأمراض الفيروسية المنقولة بهذه الطريقة، مصدر المرض (الفيروسات) هو الإنسان، حيث ينتقل المرض من شخص لآخر، عن طريق لدغة حشرة. لذلك ينتشر المرض في المناطق المدنية والكثيفة سكانيا. وقد شهدت معدلات وقوع حمى الضنك زيادة هائلة في شتى ربوع العالم في العقود الأخيرة. فقد أصبح 2.5 مليار نسمة – خمسا سكان العالم تقريباً – معرضين لمخاطر الإصابة بهذا المرض. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، إلى احتمال وقوع خمسين مليون من إصابات حمى الضنك كل عام في جميع أنحاء العالم.و للأسف رغم خطورة هذا المرض إلا أننا لم نلمس تحركًا واضحًا للقضاء عليه. ومدينتا مكةالمكرمةوجدة أكثر عرضة لهذا المرض في السنوات الأخيرة، لاسيما وأن الكثافة السكنية بهما كبيرة، يضاف لذلك وجود جموع المعتمرين بصفة مستمرة، ومعلوم أن الوباء منتشر نتيجة تكاثر البعوض وعدم مكافحته، فلا تكاد تذهب لمكان إلا وتجده منتشراً، خصوصا الأحياء المكتظة بالسكان، أوالمهملة التي ليس فيها اهتمام بالبيئة، وعدم وصول فرق صحة البيئة إليها، وهذا للأسف الشديد يساهم في انتشار المرض. وأذكر أن أحد أقربائي تعرض لهذا المرض، وبعد فترة من المرض والمكوث بالمستشفى، خرج منه معافى ولله الحمد. ولعل ما جرني للحديث عن هذا الأمر، معاناة صديق لي مع هذا المرض، توفي طفلاه بسبب حمى الضنك خلال أسبوعين متتاليين في مكةالمكرمة، وصاحب مرضهما ارتفاع في الحرارة، ولم يمهلهما ذلك كثيراً، وتلقت الأسرة الصدمة تلو الأخرى، ونسأل الله أن يلهمه وأسرته الصبر والسلوان ويعوضه خيراً، وقد كان والدهما صابراً محتسباً مع ألم فراق طفليه.وهذه الحادثة، وغيرها من الحوادث، تقع تباعا، والقضاء على فيروس البعوض لم يتم إلى الآن، ونحن لا نشك أن الوفاة التي حدثت للطفلين خلال فترة يسيرة، تعد قضاء وقدرا، ولكن هذا لا يبرر تقاعس الجهات المعنية بالأمر، في العمل الدؤوب للقضاء على هذا الفيروس المنتشر، لمصلحة المواطنين، فلابد من الأخذ بالأسباب، والحيلولة دون انتشار هذا المرض الفتاك، الذي لا ينجو منه إلا من كتب الله له عمراً جديداً.