نسمع كثيراعن قراصنة الكمبيوتر (الهاكرز) وعبثهم بالكثير من المواقع الإلكترونية سواء كانت حكومية أو خاصة حول العالم، وبعضهم يعبث ويخرّب، والبعض الاخر يترك رسالة في الموقع. وأقرب الرسائل حول اختراق المواقع الحكومية السعودية كان ضحيته موقع وزارة التربية والتعليم بقيام (الهاكرز) بمهاجمته وكتابة رسالة حملت عبارات (طائفية) وعرّفوا أنفسهم ب (منظمة الوعد الصادق)، ووضعوا صورة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على الموقع. لكن الجديد في عالم الاختراق للمواقع الحكومية ذلك الذي حدث قبيل إجازة عيد الأضحى باختراق موقع وزارة العدل السعودية على نحو (سينمائي) بقيام (الهاكرز) بتصفح الموقع وأصدر على ما يبدو قراراته بتوظيف آلاف السعوديين الذين تقدموا ل 954 وظيفة أعلنت عنها الوزارة في وقت سابق. ومما يؤكد هشاشة نظام الحماية في الموقع نجاح (الهاكرز) في اقتحامه واستغلال طرح الوزارة 954 وظيفة يُقال إن عدد المتقدمين لها يفوق ال 100 ألف من جميع مناطق المملكة، وشرع في مخاطبة الكثير منهم على عناوينهم وأبلغهم بالفوز بالوظائف. ولم يكتف (الهاكرز) ب (البشرى السارة للمتقدمين) وتركهم يفرحون إلى حين، بل طالبهم بضرورة مراجعة الوزاره في الرياض لإنهاء إجراءات التعيين. وهذا يعني أن (الهاكرز) تجول في الموقع كما يريد وحدّد هدفه من خلال توغله في ملفات المتقدمين ومراسلتهم للقدوم إلى الرياض لإنهاء إجراءات التعيين في أكبر عملية خداع وظيفي يتعرض لها سعوديون خلال العام الحالي. ويبدو أن وزارة العدل لم تكتشف عملية الاختراق وتبعاته إلا بعدما أن فوجئت بطوابير طويلة أمام مبنى الوزارة وعلمت فيما بعد من ضحايا (الهاكرز) أن ثمة خطبا حلّ بها وخدع المتقدمين لوظائفها، ومن الواضح أن الوزارة (آخر من يعلم!). وأمام الزحام والغضب العارم من المتقدمين الذين أتوا فرحين من كل من مناطق البلاد .. اكتشفوا أمام مبنى الوزارة أنهم تعرضوا لخديعة كبرى. ولم تجد الوزارة أمام هذا المشهد التراجيدي غير مكبرات الصوت للحديث مع المتقدمين في محاولة للتهدئة وإيضاح الحقيقة (المرة) لهم، ولم تنجح في مواجهة المأزق. وخوفا من تطورات الوضع إلى الأسوأ وسط صيحات الغضب من ضحايا (الهاكرز) لجأت إلى الشرطة في التعامل مع الحشود الكبيرة للسيطرة على الموقف. وبعد جهد جهيد وسط غضب عارم نجحت الشرطة في التهدئة والسيطرة على الموقف.. ولكن الذي لم تتم السيطرة عليه بعد مع استمرار (الهاكرز) في تطوير برامج الاختراق هو: من الذي سيعوض الضحايا؟!.. فالأمر ليس اختراق موقع والعبث به، ومن ثم إصلاحه وإعادته للخدمة، كما يحدث كالمعتاد في عمليات الاختراق! ويبدوأن موقع وزارة العدل أخف من أن يصمد أمام أضعف برامج الاختراق، وقصة الاختراق ترجح فرضية ضعف الموقع وخبرة القائمين عليه، إضافة إلى الشركة المنفذة. وربما أن هناك قوى ضد التقنيات الجديدة وتريد إبقاء التعاملات الورقية القديمة اعتقادا منها أنها هي الأضمن لحماية حقوق الآخرين أو أنها تشكل خطرا على مستقبلهم في العمل. يبقى القول والتساؤل عمّا إذا كان موقع وزارة العدل وهي التي تسابق الزمن لمكننة أعمالها على هذه الدرجة من الهشاشة الحمائية وتم اختراقه على نحو (سينمائي).. فكيف يمكنه حماية حقوق الآخرين إن حصل اختراق آخر وتم التلاعب بالملكيات الخاصة وصكوك الأراضي والقضايا في المحاكم وعقود الزواج وغيرها؟! وتبقى إشارة أخيرة وأعمال وزارة العدل على درجة كبيرة من الحساسية أن تحاول الاستفادة من خبراء البنوك والطرق الوقائية والاحترازية المتبعة لديهم حول أنجع الطرق لتأمين جدار قوي للحماية من شر قراصنة الكمبيوترالمتعارف عليهم باسم (الهاكرز). (محمد السلوم)