تؤكد آخر دراسة سنوية لمكتب الشرطة الأوروبية (أوروبول) حول الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، بصورة قاطعة؛ بطلان الادعاء السائد على نطاق واسع في الغرب بأن "كل المسلمين (تقريبا) إرهابيون". والدراسة صدرت عام 2009، وقد عرض موقع (لون ووتش) حديثا موجزا لها بعنوان ساخر يقول (تقرير أوروبول: كل الإرهابيين مسلمون.. باستثناء ال 99.6 % منهم الذين ليسوا مسلمين)، وهذا الموقع، وعنوانه www.loon watch.com، يقدم نفسه على أنه موقع تديره مجموعة من مدونين يتصدون للحملات ضد المسلمين عبر الإنترنت، وفيما يلي موجز تقرير (أوروبول) كما عرضه مدون قدم نفسه باسم (دانيوس): يعمل مروجو "رهاب الإسلام" (الإسلاموفوبيا) من أجل نشر ادعائهم بأن "ليس كل المسلمين إرهابيين، لكن كل الإرهابيين (تقريبا) مسلمون". وعلى الرغم من أن هذه الفكرة أخذت تصبح بديهية في بعض الدوائر، فإنها ببساطة ليست صحيحة. وفي مقالي السابق بعنوان "كل الإرهابيين مسلمون.. باستثناء ال 94 % الذين ليسوا كذلك"، استندت إلى سجلات ال (إف بي آي) لأبيّن أن 6 % فقط من الهجمات الإرهابية داخل الولاياتالمتحدة من 1980 إلى 2005 نفذت بأيدي إسلاميين متطرفين. أما ال 94 % الباقية من الهجمات فقد نفذتها مجموعات أخرى: 42 % نفذتها مجموعات من أمريكا اللاتينية، و24 % نفذتها مجموعات يسارية، و7 % نفذها يهود متطرفون، و5 % نفذها شيوعيون، و16 % نفذتها جميع المجموعات الأخرى. هذا في الولاياتالمتحدة، أما على الجانب الآخر في الأطلسي، في أوروبا، فإن المعطيات التي جمعها (أوروبول) تدعم حجتي بقوة. وتقرير (أوروبول) السنوي يحمل عنوان "تقرير وضع واتجاهات الإرهاب في الاتحاد الأوروبي"، وهو منشور بالكامل على موقع (أوروبول)، ولدى الموقع التقارير السنوية لأعوام 2006 و2007 و2008، لكنني لم أستطع العثور على تقارير سابقة لتلك التواريخ. وفي جميع الأحوال، فإن نتائج التقارير المنشورة صارمة، وتثبت نهائيا أن ليس كل الإرهابيين مسلمين، وفي الواقع، فإن نسبة ضخمة من الهجمات الإرهابية في أوروبا - 99.6 % - نفذتها مجموعات غير إسلامية، وبلغت نسبة الهجمات التي نفذتها مجموعات انفصالية لا صلة لها بالإسلام إطلاقاً 84.8 %، وبلغت حصة المجموعات اليسارية من الهجمات الإرهابية 16 مرة نسبة هجمات المجموعات الإسلامية، في حين أن نسبة 0.4 % فقط من الهجمات الإرهابية خلال سنوات 2006 - 2008 يمكن أن تنسب إلى مجموعات إسلامية. والجداول البيانية الرسمية التي تضمنتها دراسة (أوروبول)، التي تشمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، توضح التفاصيل: يلاحظ أن تقرير (أوروبول) أشار إلى وقوع هجوم واحد شنته مجموعة إسلامية في بريطانيا عام 2008، لكنه أسقط هذه الإشارة من الجدول (رقم 3)، غير أن هذا الهجوم أدرج في الرسم البياني أدناه، وهو رسم يلخص الجداول الثلاثة أعلاه، ويوضح بجلاء بطلان الادعاء بأن "جميع الإرهابيين مسلمون". ويخلص تقرير (أوروبول) إلى القول "التصورات بأن (الإرهاب الإسلامي) لا يزال أكبر تهديد في العالم لا تزال شائعة، رغم واقع أن الاتحاد الأوروبي لم يشهد سوى هجوم إرهابي واحد من منتمين للإسلام عام 2008، وهذا الهجوم بقنبلة وقع في المملكة المتحدة. إن الارهاب الانفصالي يبقى مجال الإرهاب الأكثر تأثيرا في الاتحاد الأوروبي، وهذا يشمل الإرهاب الانفصالي الباسكي (الذي تخوضه منظمة إيتا) في إسبانيا وفرنسا، وإرهاب مجموعة انفصالية في جزيرة كورسيكا الفرنسية". "وفي الماضي، جرت اتصالات بين منظمة (إيتا) وحركة (القوات الثورية المسلحة في كولومبيا - فارك)، وهذا يبيّن واقع أن هناك منظمات انفصالية إرهابية تسعى لإقامة شراكة تعاون خارج الاتحاد الأوروبي على أساس المصالح المشتركة. وفي المملكة المتحدة، يتوقع أن تواصل مجموعات جمهورية إيرلندية، بما فيها مجموعات صغيرة منشقة عن الجيش الجمهوري الإيرلندي، وكذلك مجموعات أخرى شبه عسكرية، الانخراط في العنف والجريمة". ويتابع المدوّن (دانيوس) في مقاله: التصور ليس هو الواقع، ونتيجة لنفوذ ودعاية التيار اليميني، هناك أناس يعتقدون خطأ أن (الإرهاب الإسلامي) هو أكبر تهديد للعالم الغربي، حتى إن هناك اعتقادا شائعا بأن (الإرهاب الإسلامي) يشكل تهديدا وجوديا - أي إن بقاء العالم الغربي بحد ذاته مطروح في الميزان. طبعا، الواقع هو أن هناك مجموعات أخرى تنخرط في الإرهاب على نطاق أوسع بكثير، ومع ذلك يتم التقليل من شأن هذه الأعمال الإرهابية.. في المقابل، هناك تهويل وتركيز متعمدان عندما يتعلق الأمر بأعمال يرتكبها مسلمون، ما يروج لفكرة أن "جميع الارهابيين (تقريبا) هم مسلمون". وإرهاب يمارسه مسلمون متطرفون هو بالتأكيد مدعاة للقلق، لكن يجب ألا يكون مسألة تثير هستيريا جماعية، ولقد حللنا معطيات من أمريكا وأوروبا (اللتين تشكلان القسم الأكبر من العالم الغربي)، وكلها تبيّن أن تهديد (الإرهاب الإسلامي) أصغر بكثير مما يفترض عموما، فهو يشكل 6 % من الهجمات الإرهابية في الولاياتالمتحدة، وأقل حتى من نصف في المائة في الاتحاد الأوروبي.