قامت وزارة الدفاع الإسرائيلية بتحميل مقطع فيديو عبر قناتها على (يوتيوب) يكشف تفاصيل عملية الإنزال الجوي على متن سفينة (مرمرة) التركية، التي كانت متوجهة بعشرة آلاف طن من المساعدات الغذائية إلى غزة. ورغم أن الحكومة الإسرائيلية أرادت بالتقرير التلفزيوني التأكيد على أن قواتها الخاصة تعرّضت لاعتداءات من قبل الناشطين الأتراك لتبرير عملية قتل 20 شخصا؛ إلا أن مراقبين إسرائيليين يرون قلقا من نوع جديد بدأت تعرفه إسرائيل مؤخرا، وهو استيقاظ الخلايا الإسلامية النائمة في الجوار التركي بعد 800 عام من السبات العميق. في شريط الفيديو ظهرت حقيقة قيام أتراك عزّل بالهجوم على أفراد من الكوماندوز الإسرائيلي أثناء هبوطهم بالحبال، وهو يعدّ وفق العقيدة العسكرية الإسرائيلية مؤشرات مقلقة تجاه الجارة التركية السنية، فتركيا تقدّم نفسها الآن كمقابل لإيران الشيعية بعد غياب الحضور الباكستاني المنشغل بالصراعات الداخلية، كما أن تركيا العَلمانية التي تعرفها إسرائيل جيدا لم تكشف عن وجهها الإسلامي إلا بعد حكومة أردوغان، وقد تختفي بعد أن تعتلي حكومة عَلمانية سدة الحكم في الانتخابات المقبلة، إلا أن القلق الإسرائيلي من وجود هذا الغضب الإسلامي النائم بجوارها، الذي كانت تظنه إسلاما لا يمكن أن يتجاوز المسجد. ولكن، لماذا قامت إسرائيل بهذه العملية التي وصفت بالغباء السياسي؟ لا يبدو ذلك غباء وفق السياسة الإسرائيلية التي كانت تدرك أنه بالإمكان السيطرة على السفينة عبر القنابل المسيلة للدموع، أو سدّ الطريق عليها عبر بوارجها الحربية، إلا أن ثمة هدفا آخر وهو إحداث ضرر حقيقي يؤجج المنطقة ويُحدث ردة فعل فلسطينية تزيد الخناق عليهم وتمنح إسرائيل مبرّرات جديدة، إلى جانب مكاسب أخرى، منها: إحراج الدول المعتدلة (الأردن ومصر)، وقلب الطاولة على مبادرة أوباما في إعادة محمود عباس إلى طاولة المفاوضات بعد تطمينات دولية، ما يؤدي إلى إعاقة التفاوض وتجميده لسنة أخرى، خاصة بعد أن أحرجت الدول العربية إسرائيل بفتح خيار السلام على مصراعيه. كما أن إسرائيل تدرك أن الغضب الشعبي سوف ينتهي بعد 11 يوما حيث تبدأ مباريات كأس العالم، وحيث قامت معظم الحكومات العربية بتأمين مشاهدة المباريات مجانا عبر شاشاتها، ما يعني أن مشروع النسيان قادم لا محالة. رغم ذلك، تعلّمت إسرائيل درسا زادها خوفا من المحيط العربي والإسلامي الذي تعيشه، وفي الوقت ذاته زادها ذكاء أيضا، حيث تخترع أحجارا سياسية تنقلها أثناء اللعب بالتناقضات أكثر من اللعب بالزناد، الذي سوف تكون فيه خاسرة حتما إذا ما قامت حرب شرق أوسطية - إسلامية ضدها. فيما يلي مقطع الفيديو الذي بثته وزارة الدفاع الإسرائيلية على قناتها في يوتيوب: http://www.youtube.com/watch?v=Z2duPV9MQIc&feature=player_embedded