الأحواز اسم أطلقه العرب بمعنى الحيازة والتملك، وهي جمع كلمة حوز، ومصدرها فعل حاز، وهي جغرافية مساحتها أكبر من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين مجتمعة، وهي تقع في الجنوب الشرقي من العراق، والجنوب الغربي من بلاد فارس (ايران). وتطل على رأس الخليج العربي وشط العرب جنوبا، وتفصلها جبال زاكروس في الشمال الشرقي عن بلاد فارس. تاريخيا عُرفت ايضا في الأزمنة الغابرة قبل الميلاد باسم عيلام او ايلامنو، ويطلق عليها كذلك "عربستان"، ومعناها أرض العرب بلغة العجم، وهذا الاسم أطلقه الفرس على الأحواز في عهد الشاه إسماعيل الصفوي اعترافا منهم بأن أرض الأحواز أرض عربية وأن شعبها شعب عربي وقد استعمل هذه التسمية أيضا العثمانيون والإنكليز والبرتغاليون والهولنديون ودول غربية استعمارية أخرى ، تحمله وثائقهم ما قبل الاحتلال الفارسي للأحواز عام 1925م ؛ حيث أطلقوا عليها اسم آخر "خوزستان".إذ تم في هذه السنة احتلال الشاه رضا بهلوي للأحواز وإزاحة إمارة يحكمها الشيخ خزعل بن جابر الكعبي، والذي يُلقب بأمير المحمرة أو عربستان. أما اسم الأهواز فقد ذكر المؤرخ ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان" قوله: إن الأهواز معجمه لاسم الأحواز لعدم لفظ الفرس الحاء، وفيه من يذهب أن الأهواز اسم قديم في التاريخ ذكره الطبري في "تاريخ الرسل والملوك"؛ إذ يورد رواية لعمر بن الخطاب وذلك حينما فُتحت البصرة والأهواز قوله: "حسبنا لأهل البصرة سوادهم والأهواز وددّت أن بيننا وبين فارس جبل من نار لا يصلون إلينا منه ولا نصل إليهم". كذلك تم ذكر الأهواز لدى الإصطخري في كتاب "صور الأقاليم"، وفي "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" للشريف الإدريسي، وفي "تاريخ ابن خلدون"، وفي كتاب "البلدان" لقدامة بن جعفر، وفي "صور الأقاليم" لأحمد بن سهل أبو زيد البلخي. وخلاصة القول؛ أن الأحواز عربية بحاضرها، وعيلامية آرامية بماضيها وليس للبارسية أو الفارسية الآرية أي استناد تاريخي في أرض الأحواز العربية بحاضرها وماضيها التاريخي . الأحواز كان فيها حضارة عيلامية تتكامل مع حضارات العراق السومرية والبابلية والآشورية، التي ترجع فيها السلالة العيلامية، مثل البابلية والآشورية إلى أصولها الآرامية السامية، والتي هي من جزيرة العرب في نقائها التاريخي، بجذورها المتجذرة بأرض العرب قديما. الأحواز لها تاريخ ضارب في القدم عمره يزيد على عمر تاريخ إيران بآلاف السنين، ولقد أظهرت التنقيبات الحديثة في تل جغامش الواقع على بعد 40 كم شرق مدينة سوس (شوشان الحالية) في إقليم الأحواز شواهد ووثائق، تفيد بأن هذه المنطقة شهدت نشاطا زراعيا في الألفية التاسعة قبل الميلاد. ولقد سميت هذه المنطقة على مر التاريخ بأسماء مختلفة، وتفيد بحوث علماء الآثار أن أول من سكن هذه الأرض هم العيلاميون، الذين بنوا أقدم الحضارات الإنسانية عليها وهم ساميون نسبة إلى سام بن نوح. سلالة الساميين كما هو عند الباحثين، تضم كذلك العرب والفينيقيين (الكنعانيين) والآراميين والآشوريين والعبرانيين. العيلاميون أقاموا دولتهم على أرض واسعة شملت مناطق من شرق العراق امتدت حتى نهر دجلة، ومناطق من غرب إيرانوجنوبها الغربي، أما عاصمة عيلام فهي مدينة سوس (شوشان الحاليّة) وهي تقع في جنوب إقليم الأحواز. الآثار التي خلفها العيلاميون أبرزها معبد جغازنبيل الذي بناه الملك العيلامي اونتاش كال عام 1250ق.م. ويقع على بعد 33 كم جنوب شرق سوس، وهو معلم آثاري سياحي الآن. أحداث تاريخية للأحواز تتابع على الأحواز أحداث وملوك عبر التاريخ نذكر منهم التالي: في سنة 641ق.م هاجم الملك الآشوري اشوربانيبال السوس وأجهز على الدولة العيلامية بعد أن أشاع القتل في المدينة ودمرها، ومنذ ذلك الحين أصبحت عيلام جزءا من الامبراطورية الآشورية الكبرى . بعدها حصل للأحواز احتلال خلال العصر الأخميني، وهو أول حكم لقبائل آرية فارسية، قدموا مهاجرين من آسيا الوسطى وسهول أوراسيا. هؤلاء الاخمينيون حينما أسقطوا الدولة البابلية في العراق وكانت على يد قائد الأخمينيين كورش سنة 538ق.م. خضعت عيلام أي الأحواز للحكم الأخميني؛ إذ كانت تتبع البابليين. بعدها احتل عيلام الإسكندر المقدوني عام 334ق.م بعد سقوط الدولة الأخمينية، ثم تمكن الفرثيون بعدهم في احتلال عيلام وهم من الشعوب الآرية ، تاليا نافسهم الساسانيون، وهم آريون فرس، وأسقطوا حكم الفرثيين فاحتلوها . يذكر التاريخ عام 224م أن قوم من بني تميم نسبها يرجع إلى مرة بن مالك بن حنظلة، وحنظلة أحد بُطُون تميم الأربعة كانت تقيم في الأحواز، دعموا الساسانيين ضد الفرثيين، إلا أن الملك سابور الثاني الساساني، الذي حكم في القرن الرابع ميلادي، ردّ على عرب تميم بالمذابح والإذلال. واستمر الظلم بعدها أزمنة طويلة وشمل قبائل عربية توطّنت مع تميم الأحواز ، وهذا ما مهد بعد قرون إلى دفع العرب في الأحواز إلى احتضان الجيوش الإسلامية والوقوف إلى جانبها، حينما دعا والي عمر بن الخطاب على البصرة عتبة بن غزوان عام 639م أهالي الأحواز أن ينضموا لإسقاط الحكم الساساني، الذي يقوده الهرمزان، وهزموا الجيش الفارسي في نهاوند، وكانت الأحواز من توابع البصرة في العهدين الأموي والعباسي حيث أن والي البصرة يعين حاكم الأحواز . القرن التاسع ميلادي أصبحت الأحواز مقراً لثورة الزنج، التي تضم العبيد والزنج ضد حكم العباسيين والولاة. عقبها بخمسين سنة خضعت الأحواز للدولة البويهية وهم فُرْس، ثم وقعت تحت سلطة ألمغول بعد سقوط بغداد عام 1258م؛ حيث أسس أتباع هولاكو المغولي الدولة الإيلخانية. بعدها في عام 1392م حكمها أتباع تيمورلنك التتري. وبالمناسبة المغول والتتر والترك كلهم ينتمون لمجموعة عرقية واحدة وهي الشعوب الألتائية . ثم بعد ذلك حكم المشعشعين نسبة إلى محمد بن فلاح المعروف بالمشعشع حيث دحروا الجيش التيموري عام1441م، ويُزعم أنهم نسبة إلى سلالة الإمام موسى بن جعفر الصادق. بعدها استولى عليها الشاه اسماعيل مؤسس الدولة الصفوية . بعدها حكمها الأفشاريون وكان آخر حكامها عام1737م المُعين من قبل نادر شاه الأفشاري هو خواجه خان الملقب بسيف الدولة. والصفويون والأفشاريون أعراقهم تركمانية. في هذه الأثناء كانت قبيلة بني كعب العدنانية التي قدمت مهاجرة من وسط العراق إلى الأحواز منتصف القرن السابع عشر ميلادي، وتنسب هذه القبيلة إلى كعب بن ربيعة بن عقيل بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، تنامت قوة هذه القبيلة، وفرضت نفسها في الأحواز فتمكنوا من حكمها لما يزيد عن قرنين من الزمان انتهت في عام 1925م بسجن آخر شيوخهم، وهو الشيخ خزعل بن جابر الكعبي في عهد الشاة رضا بهلوي وموته بحالة غامضة بين الاغتيال العمد أو الوفاة . وتم تدبير هذا الاحتلال الفارسي بتواطؤ مع الإنكليز، لتصبح أراضي الأحواز الغنية بالنفط منحة لفارس. وهكذا ضاع وطن لشعب عربي أحوازي يقطنه قرابة عشرة ملايين، يعاني ظلم وتسلط بل فرسنة بالغلبة والقهر لطمس ثقافته وتضيق رزقه، يصاحبها جفاء إعلامي وسياسي عربي فضاعت حقوق الأحواز في دهاليز أممية تحوطّها استعمار في القديم والحديث.