سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الأحواز" .. مساعي التخلص من "الاحتلال" الإيراني والعودة للحضن العربي الإقليم احتلته إيران عام 1925.. وسكانه عانوا كل أشكال التمييز جبهة التحرير تتحول للعمل "السري" وتطالب بدعم دولي ل"الاستقلال"
اختفت جبهة تحرير الأحواز التي كان لها مقر في العاصمة بغداد وفروع في محافظات البصرة وميسان وذي قار، وذلك بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، بعدما سيطرت عليها أحزاب وقوى موالية لطهران، مما شكل صعوبة كبيرة في العثور على أعضاء الجبهة وقادتها. ويبدو أن نشاط الجبهة تحول إلى العمل السري، فتعذر الحصول على معلومات عن عملها إلا من خلال موقعها الإلكتروني، الذي حاولت "الوطن" نقل صورة من خلاله عن تاريخ الأحواز، ومحاولات جبهة التحرير للعودة للحضن العربي. جذور عربية يقع إقليم الأحواز على شط العرب وقد احتله الفرس عام 1925 في عهد الشاه، بعد أن تم استدراج الشيخ خزعل الكعبي أمير الأحواز إلى فخ نصبه له قائد الجيش الإيراني الجنرال زاهدي من أجل إجراء مباحثات سياسية إلا أن الجنرال زاهدي قام باعتقال الشيخ الكعبي وأودعه السجن في طهران مع مجموعة من مرافقيه حتى عام 1936، فيما تقول روايات متواترة إنه تم دس السم له بالطعام فمات مسموماً. وتبلغ مساحة إقليم الأحواز 185 ألف كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانه حوالي سبعة ملايين نسمة غالبيتهم من العرب رغم محاولة تغيير التركيبة السكانية التي قامت بها الحكومات الإيرانية المتعاقبة، ويمثل سكان الأحواز مجموعة ممن ينحدرون من أصول عربية، ومن القبائل العربية التي سكنت الأحواز قبيلة ربيعة وبنو كعب وبنو عامر وبنو طرف وبكر وتميم وحرب ومطير والدواسر وشمر وعنزة وظفير وسبيع وعتيبة، وقبائل أخرى كثيرة لها امتدادها بالجزيرة العربية ولها أمراء وشيوخ. ويعود تاريخ الأحواز إلى سبعة آلاف عام، قامت على أرضه الحضارة العيلامية وهي على غرار الحضارات البابلية والآشورية والسومرية في بلاد ما بين النهرين، ولا تزال أوابد هذه الحضارة شاخصة إلى يومنا هذا رغم المحاولات المتعددة لطمس تاريخ الأحواز، وخاصة ذلك التاريخ المتجانس مع حضارات العراق المتتابعة، وهو تاريخ مختلف تماما عن حضارة بلاد الفرس مما يبين بوضوح الانفصال الكامل بين الأحواز وبلاد فارس. التاريخ السياسي منذ انتصار المسلمين على الفرس في القادسية وإقليم الأحواز تحت حكم الخلافة الإسلامية ويتبع لولاية البصرة إلى أيام الغزو المغولي، ومن بعده نشأت الدولة المشعشعية العربية واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية كدولة مستقلة إلى أن نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها حتى سقوطها على يد الشاة بهلوي، واتفقت بريطانيا مع إيران على إقصاء أَمير الأحواز (عربستان) وضم الإقليم إلى إيران؛ حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الأمير خزغل الكعبي وبعدها أصبحت الأحواز محل نزاع إقليمي بين العراقوإيران، وأدى اكتشاف النفط في الأحواز وعلى الأخص في مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى تكالب القوى المتعددة للسيطرة عليها. وتعد الأحواز من أغنى المناطق على وجه الأرض بالثروات الطبيعية الهائلة ويعيش فيها أفقر شعب. طمس الهوية وتذكر الجبهة في موقعها الإلكتروني أن الإقليم شهد ظاهرة إلغاء الهوية العربية بإرغام سكان الإقليم على ترك اللغة العربية، فكان منها تغيير أسماء المناطق العربية بأسماء فارسية، فمدينة الحويزة أصبحت( دشت ميشان) وتغيرت أسماء الخفاجية ل(سوسنكرد) والصالحية ل ( اندميشك) والأحواز ل (الأهواز)، وميناء خورعبدالله أصبح (ميناء بندر شاهبور)، والشارع الخزعلي في المحمرة أصبح (شارع بلهوي). وكان من أساليب الإرهاب الفكري ما قامت به طهران من إصدار جريدة في مدينة المحمرة سميت بجريدة خوزستان تصدر بالفارسية ويُلزم أبناء الأحواز بشرائها وقراءتها ومن بعد تم منع تداول المطبوعات العربية وتقديم من يقوم بتداولها إلى المحاكم باعتبارها من المحرمات التي يعاقب عليها القانون، ومن جملة الحقد على كل ما هو عربي الاستيلاء على جميع المكتبات الخاصة ونقل محتوياتها إلى داخل إيران، كما تم إتلاف الكثير منها ورميها في نهر كارون وتم إغلاق مطبعة مدينة المحمرة خشية طبع الكتب العربية فيها. كما تم منع مراجعة الدوائر الحكومية إن لم يكن التفاهم مع الموظفين باللغة الفارسية، ولا تقبل شهادة أي عربي في المحاكم إن لم يتكلم الفارسية بحجة أن القضاة لا يجيدون اللغة العربية ولا يجوز أن تقبل المحاكم أي مترجم عن العرب أمامها، ومنع أي عربي من الالتحاق بوظيفة حكومية ما لم تثبت إجادتة للغة الفارسية، وقد أدى هذا الإجراء إلى تعرض الكثير من أبناء الأحواز الذين يرفضون التحدث بالفارسية إلى التشرد والإقامة في الخارج. انطلاق حركة المقاومة وفي هذا السياق، يذكر الكاتب تركي الربعي أن الأوضاع التي عاش فيها الأحواز، أدت إلى إطلاق حركة المقاومة الأحوازية التي يعود تاريخ نشأتها إلى العام 1928 في مدينة الحويزة، وكان قائد الثورة الشيخ محيي الدين الزئبق الشريفي الذي حصل على تعاون عشائر متعددة، وتم تشكيل حكومة في الحويزة استمرت ستة أشهر، وأعلنت الانفصال عن الاحتلال الإيراني، وظلت تمارس حكمها بصورة مستقلة وعلى الرغم من القسوة التي مارسها الاحتلال الفارسي، إلا أن الشعب الأحوازي لم يخضع للاحتلال، فتعاونت بريطانيا مع إيران في مراقبة نشاط القبائل العربية، وجندت المخابرات البريطانية نفسها لصالح السلطة الإيرانية. وبعد مضي الستة أشهر أخمدت الثورة ببشاعة وحقد ودماء واعتقل عدد كبير من الثوار وتم إعدام بعضهم، والاستيلاء على جميع الأملاك العربية، وزاد الإرهاب والبطش والتنكيل والاضطهاد، وألقي القبض على محيي الدين الزئبق قائد الثورة، وسجن في بيت خاص إلى أن توفي. وبعد نهاية ثورة الحويزة استمرت السلطات الإيرانية في البطش والإرهاب والتنكيل وزج الأحرار في السجون، وأبعد الكثير من العرب إلى شمال إيران، وتم إحلال الفرس المستوطنين في أراضي العرب، كما أن بعض الأحوازيين نزح إلى العراق والكويت ودول خليجية أخرى، وما زال هذا القمع الوحشي مستمرا حتى الوقت الحاضر في الإقليم. أهداف الجبهة وتهدف جبهة تحرير الأحواز إلى العودة للحضن العربي والتحرك بالمجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف، فحشدت جهدها الإعلامي لتسليط الضوء على بشاعة وحقد السلطة الإيرانية، وإظهار المذابح والمجازر الوحشية التي قام بها النظام، فضلا عن ترسيخ مفهوم واقعي، وهو أن قضية الأحواز لا تقل أهمية عن قضية احتلال أي دولة عربية، ودعوة المجتمع الدولي إلى المساعدة في عودة الأحواز حرة عربية، ودعم أهلها دعماً معنوياً ومادياً، فالفقر قد أكل وشرب من أبناء الشعب الأحوازي المقهور، والخيرات تجري من تحت أقدامه وهم يعيشون الفقر المدقع، ومن ثم مد اليد والمعونة لدعم أبناء الأحواز وأبناء السنة قاطبة، عندها يسهل لدولة الأحواز أن تخرج من قفص الاحتلال الإيراني، ويسعد أكثر من 20 مليون نسمة من أبناء الأحواز، ويعيشون في عدل وحرية وحياة كريمة من دون إذلال ولا كراهية. وحين تستعرض الجبهة أبرز نشاطها العسكري تشير إلى انتفاضة العام 1979، التي كان الشعب العربي الأحوازي فيها قد ثار بوجه نظام الشاه حينها، من خلال سيطرته على آبار النفط المنتشرة في الإقليم وكذلك المنشآت الاقتصادية الكبرى، وتمكن من شل العجلة الاقتصادية الإيرانية، الأمر الذي أدّى بدوره إلى التعجيل بإسقاط نظام الشاه. وبعد الإطاحة بنظام حكم البهلويين عام 1979، استغل الشعب العربي الأحوازي فرصة سقوط نظام الشاه في إيران، فانطلق بتأسيس مؤسسات المجتمع المدني الضرورية وعلى وجه الخصوص إنشاء العديد من المراكز الثقافية في مختلف المدن الأحوازية، إلا أن ردّة فعل نظام الملالي الإيراني الجديد اتسمت بمداهمة جميع هذه المراكز وقتل الموجودين فيها أو اعتقالهم. وتشير الجبهة إلى أن عمل المقاومة الوطنية الأحوازية لم يقتصر على البعد العسكري فأخذ جانبا سياسيا تمثل في رفع المذكرات إلى الأطراف العربية والدولية، لمساعدة الإحوازيين على تقرير مصيرهم بإنشاء دولتهم العربية.