الجشع عمل ذميم، وخلق منقوص، وسلوك سيء، وآثاره مدمرة على صاحبه ومهلكه، لا يجلب له سوى السمعة السيئة، ولا يمنحه سوى وصمة العار، فالطمع وحب الأستحواذ يعتبر خداع ومخاتلة ونقيصة وقلة أنفة، والجشع طماع وشره، ودائماَ يبتغي المزيد، فلا يقتنع بما أوتي، ولا يستنكف عن أخذ أي شيء وأن كان هذا الشيء صغيراَ وتافهاَ، وهذا حال من لا يرضى لنفسه قدراّ وأنفة وعزة، لذا نرى الإنسان الجشع يهين نفسه لأجل المغنم وإن كان حقيراَ، والمكسب بسيطاَ، إن الجشع والطمع صفة ذميمة، وخلق رذيل، وعمل رديء، إن الجشع ثمرة للشح، ومفتاحاَ للسوء، وصورة بشعه لصاحبه، يقول الشنفري: ولا جشعٌ من خَلةٍ متكشفٌ ولا مرحٌ تحتَ الغِنَى يتخيلُ ولا تزدهِي الأطماعُ حلْمِي ولا أُرَى سؤولاً بأعْقابِ الأحاديثِ أُنْمِلُ والجشع يذل صاحبه ولا يرفعه، ويضره ولا ينفعه، إن استحوذ عليه أودى به إلى الهاوية، يقول الشافعي: (العبدُ حرٌّ إن قنع ، والحرُّ عبدٌ إن طمع ، فاقنع ولا تطمع فلا شيء يشين سوى الطمع)، قال هارون الرشيد: النفس تطمع والأسباب عاجزة والنفس تهلك بين اليأس والطمع ومن لزم الطمع، عدم الورع، إن عزة النفس وكرامتها وأنفتها لا توجد عند بخيل، ولا توجد عند شحيح، ولا توجد عند جشع طماع، إن الجشع الطماع لا ترضيه لقمة ولقمتين، ولا تمرة ولا تمرتين، ولا يكتفي بالشيء المتناول، والشىء الهين اليسير، لكنه دائماَ يبتغي المزيد، ولا يستنكف عن سؤال الناس، ما عندهم خفة دم، ولا عفة نفس، يده سفلى، وليست عليا، والجشع الطماع سيماه في بطنه، لذا نرى كرشه تهدلت من كثرة الولائم، وحضور المناسبات الدسمة، يستجيب لدعوة الناس فوراَ، ولا يدعو الناس لبيته مطلقاَ، عبداَ للدينار والدرهم واللقمة، لا يرضى بالنصيب، ويبتغي المزيد، فيا أيها الناس: لا تحترموا الجشعين الطماعين، أشيحوا بوجوهكم عن هذه المخلوقات النهمة العجيبة، أبداَ لا تبجلوهم ولا تنزلوهم منزلة التقدير والأحترام.