لدى بعض الناس، عادات، وطباع، وممارسات سلوكية بعضها ذميم ومشين، وقد يُلحق الأذى بالآخرين من ذلك أن «جيم» من الناس يحشر أنفه في كل شيء.. رغم أن أنفه صغير كحبة الفول لكنه يمتلك حاسة شم تفوق حاسة شم أي حيوان بري جائع! وهو يتربص بالأحاديث، والأقوال ويتشمم الأخبار. فهو سؤول كثير الإلحاح، يسأل عن أي شيء في أي شيء لا يهم أيكون الموضوع مهماً أم تافهاً. المهم أن يحصل على معلومة ليسجلها في ذاكرته الجائعة المستعدة لأكل أي شيء وتفتيته وهضمه!! وعلى الرغم من أن كثيراً من الذين يعرفونه لا يرتاحون له ويظهرون له في كثير من الأحيان عدم الرغبة فيه والكثير من التبرم منه، إلا أن هذا يجعله أكثر إلحاحاً واقتراباً لهم والتصاقاً بهم إلى درجة أنهم تعودوا ذلك منه كما يتعودون على الذباب، والصداع، والأرق، بل إنهم يفتقدونه إذا مرت مناسبة ولم يروه. فإذا غاب عن أنظارهم فهو في هذه الحالة إما مريض ألزمه المرض الفراش فلا يستطيع السير، ولو حبواً، أو أنه ذهب إلى مناسبة أكبر يكون الشم فيها أهم وعدد المشمومين أكثر. والحقيقة أن أصدقاءه، أو من هم أصدقاؤه «بالضرورة والإلزام» احتاروا كثيراً في تفسير حالته.. فلماذا يحشر أنفه في كل شيء؟ وما فائدة ذلك بالنسبة له؟ وما الجدوى من هذا السلوك الغريب الذي هو أقرب إلى المرض منه إلى حب الاستطلاع والفضول؟! لماذا يهين نفسه ويمتهن كرامته كل هذا الامتهان؟ قال بعضهم: إن مرد ذلك عائد إلى سوء التربية وإلى فساد البيئة. وقال آخرون: بل حرمانه في الطفولة من الأخبار، والأحاديث المريحة وما كان يعانيه من تجاهل وتحقير هو السبب في ذلك، وإن كل ممارساته هذه ما هي إلا محاولة لاستعادة الثقة التي حرم منها في طفولته. وتخرصوا في ذلك تخرصاً كثيراً.. إلا أن أحدهم قال: إن السبب هو المجتمع!! فالناس الذين حوله هم الذين سمحوا لأنفه بأن يطول ولحاسة الشم عنده بأن تقوى؛ لأنهم أعطوه الفرصة كاملة لمران أنفه على الشم والتحسس، والتدسس، ولو أن أحدهم لطمه ذات مرة لكان ذلك كفيلاً بأن يعطل حاسة الشم المشبوهة لديه.. والله أعلم.