قبل أكثر من عام وخلال افتتاحه أعمال السنة الثانية من الدورة السابعة لمجلس الشورى السعودي قال الملك سلمان، “إن الفساد بكل أنواعه وأشكاله آفة خطيرة تقوض المجتمعات وتحول دون نهضتها وتنميتها”، وقد أكد وشدد حفظه الله على مواجهته بعدل وحزم لتنعم السعودية بالنهضة والتنمية اللتين يرجوهما كل مواطن، وهو الأمر الذي دفعه لتشكيل لجنة عليا لقضايا الفساد العام، وقد كلف برئاستها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان. كانت هذه اللجنة التي أمر خادم الحرمين بتشكيلها في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 أول مواجهة جادة وحازمة مع الفساد والفاسدين، فالملك وولي عهده الأمين لديهما إيمان تام بأن تطور البلاد ونهضتها وتنميتها لا يمكن أن تحدث ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره، ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام، ومن هنا جاء الحزم والتطبيق المباشر للأمر الملكي واستدعاء المتورطين وإيقافهم دون تمييز بين أمير وغفير فور تشكيل اللجنة. وقد كان العدل والحزم هما خريطة اللجنة في تطبيق الأمر السامي، وهو ما كشف عنه تقرير اللجنة الذي اطلع عليه الملك سلمان، قبل أيام وكُشف خلاله عن استرداد 400 مليار ريال للمال العام. اللافت والجميل في هذا التقرير هو العدل الذي ساد التحقيقات بعد تبرئة كثير من المساءلين، فالقضية لم تكن في يوم “خذوه فغلوه”، بل تحقيقات شفافة وحازمة أسفرت عن براءة أكثر من نصف المتهمين والتسوية مع آخرين وإحالة بعضهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم. مكافحة الفساد التي قامت بها السعودية أسفرت عن مناخ اجتماعي واستثماري إيجابي، وهو لبنة أولى في تأسيس دولة القانون التي لا تفرق بين أمير وغفير، وهي الطريق الآمن والضمان الحقيقي نحو الانتقال لاقتصاد حر، واجتثاث حقيقي وصارم للمحسوبيات التي تعد من أهم الأسباب التي تعوق نمو الاقتصاد الوطني، وإحدى العراقيل التي تؤخر التطور والنهضة والتنمية المستدامة التي ينشدها ولاة الأمر والمواطنون أيضا، والتي عطلت كثيرا من مناحي الحياة في المملكة، وقللت من التطور الاقتصادي وفرص العمل التي يمكن أن تستوعب المواطنين والمقيمين على حد سواء. سطام الثقيل نقلاً عن (الاقتصادية)