قال أمير منطقة الجوف الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز "إن المغالاة في طلب الديات مقابل العفو عن القصاص التي وصلت إلى مبالغ باهضة أخرجت الدية الشرعية من إطارها ومقصدها الشرعي إلى المتاجرة بالدماء وهذا فيه استذلال وإرهاق لذوي الجاني وعصبته مما يسبب إبقاء العداوة وقطع المعروف بين الناس". وأضاف بأن المبالغة في طلب الديات تشكل عبئاً كبيراً ليس على أولياء أمر المحكوم عليه بالقصاص وأقربائه فحسب بل وصل الأمر إلى القبيلة , إذ لا قيمة لعفو ينجو به الجاني ويهلك بسببه أسرة وقبيلة في جمع المال وإراقة ماء الوجه على أبواب المحسنين لتوفير مطالب أهل القتيل من عوض مبالغ فيه إضافة إلى أن هذه الأمور تخدش الصور الإيجابية التي تعكس أصالة شعب المملكة أمام الآخرين كما أصبحت هذه المطالب عائقاً للجهود المبذولة من قبل بعض الجهات المعنية ولجان إصلاح ذات البين في مختلف مناطق المملكة. وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء السعودية : "إن الله عز وجل كرم هذه الأمة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تحكمها شريعة سمحة اتسمت بحفظ مصالح العباد والبلاد في الحلال والمال وكان من أسمى مقاصدها جلب المصالح ودرء المفاسد في كل الأحوال والظروف وتأسيساً على هذه القاعدة الشرعية العظمى فقد عملت هذه الدولة المباركة وفقها الله بمختلف مؤسساتها القضائية وأجهزتها التنفيذية على إقامة شرع الله وتنفيذه وتحكيم أوامره". ولفت النظر إلى أن الشريعة المحمدية التي حفظت للأنفس البشرية كرامتها وأكدت على حمايتها فتضمنت أحكامها القصاص في القتلى حثت أيضا ولحكمة سامية على العفو والمسامحة ودللت على فضل ذلك وعلو مكانته وأرشدت إلى المسارعة إليه والتسابق في الحث عليه لترتقي النفس من حب التشفي بالقصاص إلى الصفح والتجاوز فتسود المحبة والإخاء وتنجلي رواسب الحقد والبغضاء. وأبان أن من حكم الشريعة وعلو مقاصدها حددت دية القتل العمد بحد معروف لمنع المتاجرة بالدماء والمغالاة في ذلك وجعلها بضاعة معروضة من قبل أصحاب النفوس الضعيفة وأباحت الزيادة على هذا الحد بما يصطلح عليه من مال بالشيء المعقول عند التنازل عن القصاص ضماناً للنفس المزهقة واسترضاء لنفوس أولياء المجني عليه. وبعد أن أثنى على الكثير من أولياء الدم الذين يعفون لوجه الله دون مقابل وبعضهم يكتفون بدية الشرع المحددة ويطلبون الأجر من الله عز وجل , عبر سموه عن الأسف الشديد لظاهرة المغالاة في طلب الدية التي بدأت تطفوا على أرض الواقع من قبل أفراد طغى عليهم حب المادة فأصبحوا يغالون في طلب الدية غير آبهين لمكانة العفو والأجر المترتب عليه من الله عز وجل مخالفين بذلك مقاصد دينهم الحنيف تاركين ما ورثوه من الأعراف والتقاليد والعادات الحميدة التي يتصف بها المسلم وبخاصة أهل هذه البلاد الغالية . ودعا سموه أولياء المجني عليه وورثته بأن يتقو الله في هذا الأمر ويعودوا لمفاهيم هذا الدين الحنيف ويلتزموا بها . وأشاد سموه بموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود حفظه الله ورعاه على الضوابط الجديدة المنظمة لجمع التبرعات للدية مقابل العفو عن القاتل. وأكد ثقته في أنه سيكون لتلك الضوابط بإذن الله الأثر الفاعل في ترك المبالغات في الديات والتقليل من مفاسدها والعمل على معالجتها بما يكفل تحقيق المصلحة ودرء المفسدة. وشدد سموه على ضرورة تعاون جميع المسؤولين والوجهاء والعلماء والدعاة والأعيان وشيوخ القبائل في بذل الجهد والقيام بالدور الفاعل في حدود مسؤولياتهم للحد من المبالغة في هذا الأمور .