إنها مأساة بكل ما تعنيه الكلمة , حكاية توجع القلب , وتستثير الأسى , دون أى مبالغة .. تلك هى حكاية عم حمود , وهو لمن لا يعرف , مواطن ستينى بسيط وضع كل أمله وثقته فى شركة مقاولات لتحقيق حلم عمره ببناء منزل يحتويه هو وأسرته ..وكانت النتيجة , باختصار , أنه لا منزل بنى ولا حلم حقق , ولو توقف الأمر عند هذا الحد ربما ما كان شعر بالألم كما هو الآن , لكنه وجد نفسه مدينا وتطالبه الشركة بدفع أموال يؤكد أن لا حق لها بها ..والآن ليس أمامه سوى الدفع أو الحبس بعد اغتيال حلمه . المواطن حمود بن سعد الفريخ (60 عاما) حكى ل (عناوين) مأساته , قائلاً :" خدمت وطني 34 عاماً أُحلت بعدها للتقاعد لأبدأ بعدها في أول خطوة نحو تحقيق حلمي ببناء مسكنٍ يضم عائلتي وينتشلني من نهش الإيجارات مستعيناً بالله ثم بما حصلت عليه من مكافأة نهاية الخدمة وقرض صندوق التنمية العقاري فتوجهت إلى مؤسسة (عثمان العيدان للمقاولات) التي ملئت صفحات الجرائد بإعلاناتها واتفقت معهم على بناء الحلم بمبلغ وقدره 1.300000 ريال(مليون وثلاث مئة ألف) استلم المقاول منها مبلغ 178.000 ريال نقداً بالإضافة إلى مبلغ 500.000 ريال قيمة استراحة أفرغتها باسم صاحب المؤسسة (مؤسسة عثمان العيدان للمقاولات ) كجزء من المبلغ المقدم ليصبح الإجمالي 678.000 ريال أما بالنسبة للمبلغ المتبقي فيتم دفعه على أقساط شهرية قيمة القسط 8000 ريال حرر بموجبها 53 شيكاً أستلمها حين الانتهاء من السداد". وبأسى تابع عم حمود سرد حكايته :" فوجئت بعد فترة بأننى أتعرض لمسلسل من المماطلة والتسويف فلم يشرعوا بالبناء بل أجبروني على دفع مبالغ إضافية كدفعات لإنهاء عملية البناء مع إعطائهم شيكا بمبلغ 425.000 ريال (أربع مئة وخمسة وعشرون ألف ريال) كضمان لهم في حال عدم سدادي لدفعات البناء ووعدوني بأنهم سيعيدونه إلي بعد نهاية بناء المنزل". ويضيف :" وبعد مضي عام كامل على اتفاقنا لم يكتمل من الحلم سوى القواعد والخزان وبدروم صغير مع وجود أخطاء وعيوب هندسية واضحة طالبتهم بعدها بالتوقف إلا أنهم طالبوني بدفع مزيد من المبالغ فرفضت فقاموا برفع شكوى ضدي في المحكمة العامة بجدة وشكوى أخرى بوزارة التجارة يطالبونني بدفع قيمة شيك الضمان فأوقفت بالسجن لمدة 45 يوما بعدها رفعت برقيه لسمو النائب الثاني الذي كان عند حسن الظن وأمر بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق في القضية". ويستكمل عم حمود فصول مأساته قائلا :" باشرت اللجنة أعمالها بالفعل واستمعت إلى أقوالي واستدعت الخصم الذي قال إن الشيك كان قرضا حسنا وخالف أقواله التي أدلى بها في المحكمة بأن الشيك كان قيمة مواد البناء كما قامت اللجنة باستدعاء عدد من المتضررين من خصمي الذين أوضحوا أنهم وقعوا في الأزمة لكنهم لم يتقدموا بشكوى ضده خوفا من أن يحصل لهم ما حصل لي". ويوضح الفريخ أن عدد الذين سرقت أحلامهم في وضح النهار يفوق 19 مواطنا من بينهم أرملتان .. مطالبا اللجنة بسرعة إظهار نتائج التحقيق فهو الآن مطالب بدفع مبلغ الشيك أو السجن . وعملا بمبدأ الحياد فقد حاولت (عناوين) الاتصال ب (مؤسسة عثمان العيدان للمقاولات ) فلم يتيسر ذلك ولكن حقها فى الرد محفوظ . . مع العمل أن مقر المؤسسة في مدينة جدة قد أخلي ولا يوجد للمؤسسة أي أثر لها في المبنى الذي كان مقرها ! من ناحية أخرى , قال المستشار القانوني عبدالرحمن العمري ل (عناوين) تعليقا على مأساة العم حمود الفريخ: " في حال ثبوت أن المقاول استلم مبالغ مالية من أصحاب الأراضي أكثر من قيمة الأعمال المنفذة ففي هذه الحالة يتم التوجه إلى المحكمة العامة لتقديم دعوى قضائية ضده لإثبات الأعمال التي قام بتنفيذها والتي لم يقم بتنفيذها وإثبات ما إذا كان ما تم تنفيذه مطابقاً للمواصفات المتفق عليها من عدمه ومن ثم المطالبة بقيمة ما استلمه بالزيادة دون وجه حق شرعي وفي هذه الحالة فإن ناظر الدعوى سوف يحيلها إلى الجهة المختصة للوقوف على الإنشاءات التي قام بتنفيذها المقاول لمعرفة ما تم تنفيذه وما لم يقم بتنفيذه وتقديم تقرير لفضيلة ناظر الدعوى وبناءً عليه سوف يقوم فضيلة ناظر الدعوى بالحكم برد المبالغ التي استلمها المقاول بالزيادة عن قيمة الأعمال الفعلية في حالة ثبوت ذلك". . ويضيف :"أما بالنسبة للشيك المقدم إلى مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية بجدة وتم صدور قرار بموجبه لصالح المقاول ، فإن القرار الذي صدر بناء على هذا الشيك يعتبر قرارا صحيحا من الناحية النظامية ، لأن الشيك يعتبر أداة وفاء وطالما أن محرر الشيك قدم اعتراض على القرار الصادر من مكتب الفصل في منازعات الأوراق في هذه الحالة فإن إجراءات تنفيذ القرار سوف يتم إرجاؤها إلى حين الفصل في الاعتراض من قبل الإدارة القانونية بوزارة التجارة والصناعة بالرياض وفي حالة تأييد القرار من قبل الإدارة القانونية يجوز في هذه الحالة أن يتقدم المتضرر بدعوى قضائية إلى المحكمة العامة للمطالبة بإعادة قيمة الشيك لكون الخصم قد صرف قيمته دون وجه حق شرعي مع إثبات أن قيمة الشيك هي مقابل تنفيذه للأعمال المتفق عليها في العقد المبرم بين الطرفين" .