حملت الأوامر الملكية الكريمة الثلاثين التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – مساء الخميس الماضي دلالات كثيرة وجميلة، بل وملفتة تحدثت عنها الوسائل الإعلامية اليومين الماضين، وتناولها وتناقلها الناس جميعا، وبالتأكيد سيظل الحديث عنها مستمرا على مدى أيام قادمة. لن أردد قول الحق – سبحانه وتعالى -: {وتلك الأيام نداولها بين الناس}، ولا الحديث الموضوع: "لكل زمان دولة ورجال"، ولا الحديث الموقوف على سيدنا أبي الطفيل عامر بن واثلة – رضي الله عنه -: "لكل مقام مقال، ولكل زمان رجال"، ولا البيت المشهور للصحابي المخضرم سيدنا النمر بن تولب العكلي – رضي الله عنه – الذي ضمته قصيدته الشهيرة والبديعة (تصابى وأمسى علاه الكبر): "فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويومٌ نُساء ويومٌ نُسر" لن أرددها بالمعاني السلبية التي قد تتبادر إلى أذهان بعض القراء، أو تتسرب إلى ظنونهم، ولكني أكررها بمعانيها الإيجابية التي سأحاول التعرض لها هنا، وأجد نفسي مدفوعا لأقدم الكلام ببيتين شهيرين للشيخ ثاني المنقور – رحمه الله – هما: "إن المناصب لا تدوم لأهلها إن كنت في شك فأين الأول فاختر لنفسك في الحياة مناقبا فإذا عُزلت فإنها لا تعزل".. وأضيف بأن أقول لكل من خدم وطنه وغادر كرسي عمله – ولو لأقل من شهرين -: "بيض الله وجهك"، و"ما قصرت"، ثم لأقول للباقين في مناصبهم، والذين أعيدوا إليها، والذين تغيرت مواقعهم، والذين أضيفوا للكوكبة الجميلة التي راهن عليها خادم الحرمين وضمتها الأوامر الأخيرة، إن أمامكم مسؤولية كبرى وصعبة لبذل كل الجهد في تحقيق آمال مليك البلاد، بالانفتاح على الناس، وكسر البيروقراطية والروتين، وتجويد العمل، والتخلي عن التقليدية، وترك المركزية، والنزول من المكاتب المكيفة، وعدم الانغماس في التفاصيل، والتفكير بشكل دائم – كما يقال – خارج الصندوق، والمهم بل الأهم تشكيل طواقم إدارية وفرق عمل متميزة، وجديرة بالعمل، وقادرة على الإنتاج، وإثبات الذات، وتلمس احتياجات الناس، ومشاركتهم، والوصول إلى رضاهم، وتقبل انتقاداتهم، والتشرف قبل هذا وبعده بالعمل. لا يوجد أمامنا جميعا كمواطنين سواء كنا على كراسي المناصب أو لم نكن عليها أي عذر للفشل، أو إعاقة فرص مواكبة النهضة الكبرى التي تعيشها المملكة العربية السعودية، ولا عذر أبدا لعدم حلحلة الأمور الساكنة، ولا عذر أبدا لعدم التخلص من السلبيات.. لا وقت لدينا إلا للمضي قدما في مسيرة التنمية الشاملة، بكل عزيمة وحكمة لاستشراف المستقبل الجميل – بأمر الله تعالى -.. لا وقت لدينا – يا من راهن عليكم مليكنا – في عدم تعويضنا عما فات، والأخذ بنا إلى مصاف السعداء والمطمئنين والمتفائلين.. مجال الوقت – عندنا – ضيق، وأحلامنا تكاد تلامس السماء، وواجبكم – بعد إذنكم – إسعاد الشعب، وتوفير كل، لا بعض متطلباته، وكل ما يحقق له رفاهيته، وتقدمه، وتطوره، فالفرصة قد أتاحها لكم ولي أمرنا، وفتح لكم كل الأبواب، ومكنكم من اللحظة التي تستطيعون – وأنتم بأمر الله قادرون – لو أحسنتم استغلالها أن تسعدونا، فالزمان زمانكم، "وبالله عليكم" حققوا الآمال، وانطلقوا ولا تتباطؤوا.. أسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يكون لكم عونا ومعينا، وأن تكونوا أسبابا لتحقيق كامل رضانا وتمام إسعادنا. عبدالله فدعق نقلا عن "الوطن"