زوج يسأل: أنا متزوج ورزقت من زوجتي بأربعة أطفال، نسكن في بيت إيجار، وتسكن معنا والدتي المطلقة، منذ فترة حصل شجار بينهما وخرجت زوجتي إلى بيت والدها تاركة أطفالها في عهدة والدتي، وتصر أنها لن ترجع للسكن مع والدتي، وتريد سكنا خاصا بها. لقد أكملنا خمسة أشهر على هذه الحال. أفيدوني أفادكم الله. د. غازي بن عبدالعزيز الشمري الإجابة: كثير من مشكلاتنا – أخي الكريم – هي مشكلات وهمية وليست حقيقية، تستطيع أن تعرف ذلك إذا عدت إلى نقطة بداية الخلاف، فغالباً ما يدخل تحت اختلاف وجهات النظر، ولكن سوء معرفتنا للحوار ولأساليبه، وتقديرنا للآراء واستعدادنا لفهم الآخرين يجعل الصغير كبيراً ووجهات النظر أزمات، وربما تعصف ببناء الأسرة كلها، وهكذا تنهار العلاقات بسبب حماقات!! وحل هذه المشكلات ربما لا يكون سهلاً بل يحتاج إلى قدر كبير من الصبر والحكمة في التعامل، وحسن تقدير لعواقب أي قرار يمكن أن يتخذ. لم تذكر في سؤالك طبيعة المشكلة، ولا تفاصيلها لأن هذا له دور في اقتراح الحلول بشكل مفصل، ولذلك سأكتفي ببعض النصائح والتوجيهات التي أرى أنها مناسبة في مثل مشكلتك: من الصعوبة بمكان أن تضحي بأحد الطرفين، لا والدتك وهي التي ربتك صغيراً وحنت عليك، وأعطتك من صحتها ومن نفسها ما لم يعطك أحد، ولا زوجتك أم أولادك وشريكتك في حياتك وشقيقة قلبك، ولكن أقترح عليك ما يلي: أولاً: استعن بالله تعالى قبل كل شيء، فإن هو أعانك فلا تلبث هذه المشكلة أن تتلاشى، وإن حبس عنك عونه فمهما بذلت فسوف تذهب محاولاتك أدراج الرياح. إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده. ثانيا: لن تعدم في كل مشكلة حلاً وسطاً تستطيع أن تقنع به الآخرين، ويجب ألا يكون هذا الحل على حساب أحد الطرفين وإلا لما كان وسطاً، وهذا يعتمد على قدرتك على التعامل مع المشكلة ومعرفتك لأساليب الإقناع. ثالثاً: لكل إنسان نقطة ضعف تستطيع التأثير عليه عن طريقها، وبمعرفتك لوالدتك وزوجتك، ابحث عن هذه النقطة واستخدمها بذكاء لحل مشكلتك. رابعاً: في بداية الأمر لابد أن تلتزم الحياد، فميلك لأحد الطرفين ولو بحق سيفقدك الطرف الآخر، ولتشعرهما أنك تسعى للإصلاح لا للانتصار. خامساً: استخدم أسلوب الوعظ والتذكير بالمسؤولية والأمانة والتخويف بالله والتذكير بثوابه فإن لذلك أثراً كبيراً في ترقيق القلوب وإزالة سيطرة الشيطان عليها. سادساً: قد يكون من المناسب أن يتدخل بعض الأقارب (العقلاء) لحل المشكلة، أركز على (عقلاء) لأن هناك من يزيد المشكلة ضراماً بتدخله غير الحكيم بدل أن يخمدها. وربما يصل بك الأمر إلى طريق مسدود فلا مناص من الخيار المر وهو أن تضحي بأحد الطرفين، وأرجو ألا يخطر ببالك أن يكون أمك!! حتى وإن كانت هي المخطئة!! فإذا كان الشرك وهو أعظم الظلم قد أمر الله تعالى ببر الوالدين حتى وإن جاهداك عليه، فما بالك بما هو أقل خطراً، ثم إنك قد تجد امرأة تحنو عليك وعلى أولادك وتعوضك شيئاً مما فقدته، ولكن لا يمكن أبداً أن تجد بدلاً من أمك، وإذا أحسنت نيتك ببرك لوالدتك فثق أن الله تعالى لن يضيعك «إنك لن تدع شيئاً اتقاء لله إلاّ أعطاك الله خيراً منه» رواه أحمد (20739)، والبيهقي (5/335). أسأل الله أن يفرج همك ويكشف كربك ويذهب حزنك، ويجمع شملك.