سكبت مناسك الحج دمعة طفل كان قد همّ برمي الجمرات، وكانت البراءة على موعد مع هطول فرائحي نقي امتزجت فيه المشاعر الصادقة والعواطف داخل المشاعر المقدسة .. المكان الذي لا مجال فيه للتمثيل .. فالتقطت العدسات وجه الطفل الذي تماهى مع جهشة البكاء وتساقطت دموعه من مآقي عينيه وهو يرمي الجمار في مظهر سعيد يفسره الموقف بإتمام المناسك. لاشيء أصدق وأكثر تعبيرا من دموع الأطفال، التي تترجم الروحانية في أعلى معانيها وأسمى تفسيراتها في الوقت الذي اتفق الحجاج ملبسا وهدفا ووجهة، وهم يتقاطرون لصعيد الله الطاهر ملبين ومهللين ومكبرين، متمنين القبول وراجين المغفرة، مسرورين بالحج العظيم، قد بدت البسمة على محياهم، وظهرت ملامحها في الوجوه، لينالوا رحمة ربهم ومغفرته، وليعودوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، كنقاء الأطفال وقد نفضوا الذنوب وغسلوا الخطايا كما يُغسل الثوب الأبيض من الدنس. الأطفال في الحج .. زينة الدنيا وبهجتها، قدموا مع ذويهم ليشاركوهم فرحتهم بإتمام الركن الخامس من أركان الإسلام، وإذ بهم يَفْرِشون الصعيد ببسماتهم، وينثرونها بين الحجاج، لتزهو ملامح الرضا، وتغدو قوافل الحجاج واحة فيّاضة بالحب والرحمة. وتتعدد صور ابتسامة الأطفال البرّاقة في الحج، وتختلف مواقفها وظروفها، إلا أنها توحدت شكلا ومضمونا، فالبسمة هي المرافق الرئيسي لهم راجلين وراكبين، أو محمولين على الأكتاف وعلى العربات الصغيرة، في تعبير أن لاشيء أصدق من الابتسامة للتعبير عن الشعور بالسعادة، وما يكنه الفؤاد من شعور، منبعه قلب خافق بذكر وحب بأحاسيس دفاقة ودموع رقراقة تملأ أحداق العيون، فرحا بما أنعم الله به على ضيوف الرحمن، بإتمام فريضة الحج. فالابتسامة لغة أحسها حجاج بيت الله الحرام، وعاشوا لحظاتها بين المشاعر المقدسة في انعكاس لنجاح موسم حج هذا العام 1434ه ، فتراهم يبتسمون تحت أشعة الشمس وهم يفيضون إلى عرفات، ليختموا حجهم برمي الجمار في مشعر منى.