«الجادة والمطية» كتاب لسيرة ذاتية تستعرض قصة احداث للتحول النموذجي الشامل الذي شهدته المملكة منذ تأسيسها واكتشاف ثرواتها النفطية، كما تزجي السيرة بالتقدير والإجلال لجيل شمر عن سواعده وامتطى الصعاب في سبيل العلم والمغرفة اضافة الى كونها سيرة ذاتية للمؤلف. وان كانت «الجادّ والمطية» سيرة ذاتية لمؤلفها ناصر بن شلان العجمي، فانه يعتبرها قصة نجاح لوطنه، وسيرة ذاتية لجيل جابه التحديات واحترم المهنة ونافس في الاداء والاتقان في خدمة الوطن، ثم تذوق حلاوة النجاح بجهودها الذاتية، سيرة جيل لم ير تباينا بين طموحاته الشخصية وخدمة مجتمعه ووطنه. تحتوي السيرة على سبع محطات متمايزة من حيث التوقيت والمضمون والأحداث البيئية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، الا ان الترابط والتداخل الديناميكي بين محطات السيرة جعل منها منظومة متواصلة ومتتالية، وكثيرا ما ينظر المؤلف الى سيرته وكأنها شاحنة تنطلق من المحطة الاولى وهي لا تحمل الا قائدها الذي لا يملك من الموارد سوى الايمان بالله، والنية الصالحة، والثقة بالنفس، لا تكلُ ولا تلين، وبتلك الموارد قاد شاحنته على طريق الحياة من محطة الى أخرى تاركا بصماته الساطعة على كل محطة مر بها حتى انتهي به الطريق ، وقد امتلأت شاحنته وزخرت حياته بكل ما طابت به الحياة. ان افضل عبارة تصف الاحداث المدهشة والتحولات النموذجية المضطردة، التي شهدتها المملكة في المجالات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والحضرية والسياسية هي الانتقال الكلي السريع والبراءة من نمط حياة عمها الكفاف والجهل والتخلف، الى آفاق حياة عصرية متطورة، تنعم برخاء العيش والأمن والطمأنينة، تحولات نوعية ايجابية انعكست نتائجها على الارض وفي حياة الناس، واشرف على ادارتها وتنفيذها الشعب السعودي الذي جابه التحديات في سبيل بناء اسس الدولة الحديثة، ومن اللافت للانظار حقا ان تتحقق مثل هذه الانجازات النوعية في حياة جيل واحد. ان «الجادة والمطية» سيرة رجل احب وطنه وجعل طريق الاخلاص جادته وتحدي الصعاب مطيته وطلب العلم والمعرفة غايته، فتحدى الفشل وتخطى الكسل وسار بمصداقية واستجابة على طريق النجاح. وتبرز السيرة بجلاء مدى ادراك صاحبها لإرثه من القيم والثوابت الاخلاقية القويمة التي قيد بها نفسه وطوع بها حياته واستنبط منها قواعد لتعامله مع الآخرين ولكل ما يعترض طريقه من عوارض، كما تبين السيرة نهج صاحبها الاداري القائم على وضوح الرؤية والتفكير الهادف، والتخطيط المنظم، والتنفيذ المؤقت، والمتابعة المستمرة، والمسائلة، والمقارنة بين النتائج المستهدفة والمتحققة كمعايير للنجاح وللفشل. وتركز على مدى الترابط في العلاقة بين عوامل النجاح والفشل وبين عوامل المصداقية وسرعة الاستجابة ، وعلى الرغم من ان الانسان مزود بقدرات ذاتية تعينه على البقاء والنجاح في الحياة الا ان للنجاح والفشل عند الانسان مؤشرات، فكل ما ارتفعت مقادير المصداقية والاستجابة صعد مؤشر النجاح وانخفض مؤشر الفشل، والعكس صحيح. ومع ان «الجادة والمطية» سيرة حافلة بالجدية والكفاح الشاق والتحديات المرهقة والعصامية المتأججة، الا انها رغم ذلك كله سيرة غنية بالمرح وحب الحياة، وتعج بأطيب العلاقات والصلات الانسانية الحميمة على جميع المستويات ألاجتماعية والسيرة تحكي قصة رجل آمن بربه وعم الاخلاص حياته، وملأ الود قلبه واحب لغيره ما احب لنفسه وحافظ الى ابعد الحدود على ادارة واستثمار وقته، وهذه سمات ما اجتمعت في حياة الا وملأتها طمأنينة وسعادة. وان كان الكمال صفة من الصفات الالهية الا ان البحث عن الكمال مطلب يحلم به الانسان ويزعم التشبث به، وحقيقة الامر ان الكمال مطلب فلسفي اكثر منه واقعي يرفع من القيم ومن بحث عن الكمال وعمل بمعطياته تحقق له النجاح في الحياة لأن البحث عن كمال الشخصية يتطلب الصدق مع الذات والإخلاص في العمل والأداء، والانقياد الى اليقين الذي يدرك به الانسان سلوكه ويعيه بتصرفاته في الحياة. المؤلف في سطور: ولد ناصر بن محمد بن شلان العجمي، في الرابع من شهر شوال عام 1354ه، الموافق للتاسع والعشرين من شهر ديسمبر عام 1935م، في موقع صحراوي يسمى الفروق، يقع على مقربة من الحافة الغربية لحقل الغوار العملاق، ضمن ما يعرف اليوم بمحافظة الاحساء، وفي عام 1950م، التحق بالعمل في شركة ارامكو كمتدرب، وفي اوائل الستينيات ابتعثته الشركة للدراسة في لبنان اولا، ثم في الولاياتالمتحدةالامريكية، حيث حصل على الدبلوم في الهندسة الميكانيكية التطبيقية، ثم البكالوريوس في العلوم الادارية، وفي اواخر الستينيات، بدأ صعود السلم المهني والوظيفي في ارامكو بثبات، في مسيرة مهنية استمرت اكثر من 42 عاما، شغل خلالها مناصب كثيرة منها، نائب للرئيس لتخطيط المشروعات والخدمات الفنية، ثم رئيس لشركة ارامكو فيما وراء البحار في هولندا، ثم اختير نائبا اعلى للرئيس لخدمات الاعمال، وعضوفي مجلس ادارة الشركة، فنائبا اعلى للرئيس للعلاقات الصناعية، ثم نائبا تنفيذيا لرئيس الشركة، وهو المنصب الذي تقاعد منه عام 1993م. وفي عام 1994م، عين، بمرسوم ملكي عضوا في مجلس المنطقة الشرقية، وفي العام التالي اصدر كتابه الاول «ارث جيل» باللغة الإنجليزية كما عين، بمرسوم ملكي كريم، رئيسا عاما للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية. وفي عام 2005م، عين بمرسوم ملكي كريم، عضوا في مجلس الشورى، وفي عام 2009م، انتهت عضويته في مجلس الشورى، بناءعلى رغبته، وتفرغ لحياته الخاصة. وبالإضافة الى المناصب التي شغلها واللجان التي رأسها او شارك في عضويتها، بحكم عمله، كان العجمي قد عين في مناصب مختلفة، اذ كان رئيسا لمجلس ادارة شركة فيلا البحرية العالمية المحدودة، وعضوا في مجالس إدارات شركة خدمات ارامكو، وشركة النقل البحري السعودية، والهيئة السعودية للتدريب المهني، والمجلس الامريكي للشحن البحري، والشركة السعودية لخدمات السيارات والمعدات، وهو عضو مستمر في مجلس ادارة الجمعية الخيرية لرعاية وتأهيل المعوقين بالمنطقة الشرقية، منذ اكثر من عشرين عاما.