ما الذي يجذب الاقتصاديين الإسلاميين لإقامة مؤتمر عن التمويل الإسلامي في رواندا ؟ سؤال علق بذهني منذ المرة الأولى التي عرفت فيها عن هذا المؤتمر. الواقع ألا إجابة إلا بالمزيد من المعرفة عن هذا البلد الواقع في قلب منطقة البحيرات العظمي في أفريقيا، الذي عانى مذابح وحشية منذ أقل من عقدين من الزمان. يقول مقدم حفل الافتتاح الشيخ صالح هابيمانا، المفتي الأسبق لمسلمي رواندا، وأحد الفاعلين في تنمية البلاد : «أنتم أيها الحضور بعملكم هذا تقدمون الحل الإسلامي للتمويل والاقتصاد لبلد يقع في منطقة تمتلك 60 بالمائة من مخزون كل ما يحتاجه العالم» ؛ الماء ، الثروات المعدنية ، الثروات الزراعية ، الحيوانية ، والمزيد. هذا ما يجعل أسماء عديدة من شركات ورجال أعمال بارزين مثل بيل غيتس وغيره للعمل في رواندا الذي تفاجأ الجميع بمعدلات النمو الاقتصادي لها الذي يتراوح بين 6 - 8 بالمائة سنويا، وهو معدل ثابت منذ العام 1995، ويمضى هابيمانا : «رواندا تمد يدها للمستثمرين من كل أنحاء العالم، ونحن بحاجة ماسة للمستثمرين من البلدان الإسلامية، لأن التمويل الإسلامي يمس جانبا مهما من حياتنا اليومية «. نسعى إلى تثقيف مجتمعنا في المجال المالى، وتوفير آليات لهم ليكونوا قادرين على التعامل مع البنوك المتنقلة حتى في المناطق البعيدة. خلف هذه الكلمات أقرأ لاحقا أن «قيمة الاستثمارات الخارجية المباشرة بلغت في رواندا خلال عام 2012 نحو 1.1 مليار دولار أمريكى، وإن تلك هى المرة الأولى التى تتخطى فيها الاستثمارات الأجنبية الآتية إلى رواندا حاجز المليار دولار أمريكى فى غضون عام واحد ، على ضوء حالة الكساد الذي يعتصر الاقتصاد العالمي «. هذا ما أعلنته هيئة تنمية الاستثمار الرواندية، وخلف الجزء الأخير من حديث هابيمانا أدرك ما لا يدركه الكثيرون في العالم الإسلامي ذلك أن رواندا هي أكثر البلدان في أفريقيا تشجيعا لكل ما هو إسلامي. يبقى في ذاكرة جميع من يسكن في هذا البلد المواقف الايجابية للمسلمين أثناء المجازر الفظيعة التي أودت بحوالي مليون شخص في مائة يوم. على المنصة الرئيسة، يرى الجميع الاتجاه نفسه من وزير المالية والاقتصاد الرواندي «غاتيتي كليفا» نحن نعتمد على الاقتصاد التقليدي، لكننا أدركنا منذ وقت أن النظام المالى الإسلامي يمكن أن ينقذ العالم، ونحن في رواندا نبذل الكثير ليكون هذا النظام جزءا مهما، وأعتقد أن هذا المؤتمر يمكن أن يساهم في تقدم هذه الفكرة وهو يُعقد في وقت مناسب في بلادنا التي تتقدم بخطى تنموية رائعة، الواقع اننا بحاجة إلى أفكار مبتكرة، وهذا المؤتمر يحقق هذا الاتجاه». يمضي الوزير الشاب والذي كان سابقا رئيسا للبنك المركزي الرواندي وسفيرا لبلاده في لندن مؤكدا على ما قاله : « نحن نجحنا خلال السنوات السابقة في إنشاء فروع للبنوك العالمية الكبري هنا في رواندا، لكننا نسعي بجد لابتكار أساليب أخري غير تقليدية، لذا نشجع البنوك الإسلامية للعمل في البلاد» ويمضي الوزير ليؤكد رغبتهم الجادة في هذا الاتجاه قائلاً : « أرسلنا عددا من المصرفيين لدينا لحضور مؤتمرات ودورات لتعلم الصناعة المالية الإسلامية. كما نحاول اليوم إجراء تغييرات في قوانين البنك المركزي لاستيعاب هذه الصناعة. الواقع أن ذلك من استراتيجياتنا الهامة التي نعمل عليها، أمامنا طريق طويل. كما ان هناك الكثير من التحديات، لكن أملنا كبير في تجاوزها بتكاتف الجهود، وعمل المخلصين. نريد حقا جلب الصناعة المالية الإسلامية ليستفيد منها الجميع؛ المسلمون وغير المسلمين». وفى إشارة إلى هذه الرغبة الكبيرة في البنوك الإسلامية قال غاتيتي : « لا نريد الاعتماد على البنوك الكبيرة. نحن نشجع البنوك التي تعطي قروضا متناهية الصغر ، لأنها قريبة من احتياجات الناس. فالفقراء هم من يحتاجون إلى مثل هذه القروض. لدينا رؤيتنا للعام ( 2017) لتحقيق أكبر نمو «. مرة أخرى وأخرى يؤكد الوزير في حديثه المطول أمام جمع من علماء أفريقيا، ومختصين في الصناعة المالية الإسلامية من منطقة الخليج والمغرب العربي، وشمال أفريقيا، أمنيته هذه المرة في جلب الصناعة المالية الإسلامية يقول : « نحن نحاول الانضمام للبنك الإسلامي للتنمية، وهذا ما يوضح جديتنا ورغبتنا في إجراء تغير في البلاد. كما نسعى إلى تثقيف مجتمعنا في المجال المالى، وتوفير آليات لهم ليكونوا قادرين على التعامل مع البنوك المتنقلة حتى في المناطق البعيدة « يقول الوزير الرواندي هذه النقطة ليؤكد تحرك بلاده في مسار التنمية ونشر ثقافة المال، إذ يعقب على حديثه هذا بالقول : « نجحنا في الفترة الماضية في تعليم مجتمعنا تسديد فواتير الكهرباء والماء عبر الهاتف. نسعى الآن إلى تمرير الأموال والقروض عبر الهاتف. نريد أن تبقى الأموال في البنوك وتوفير المزيد من السيولة حتى في المناطق الريفية. فهذا يوفر للجميع تعاملا حضاريا «. ويختتم الوزير حديثه بالتأكيد على سعي بلاده لتحقيق رؤية العام 2020 ، الهادفة إلى تمتع شعب رواندا بما تتمتع به الشعوب المتقدمة، ونحن حقا بحاجة إلى البنوك الإسلامية لمشاركتنا تحقيق هذا الهدف.