سجل الاداء العام للبورصات العربية حالة من الارتداد القوي، استطاعت من خلالها تعويض جزء كبير من الخسارة المحققة خلال جلسات تداول الأسبوع قبل الماضي، فيما تحسنت مستويات السيولة المتداولة دون أن تعود إلى مستوياتها المسجلة قبل موجة الهبوط المسجل مؤخرا، وجاء ذلك نتيجة تسجيل البورصات عمليات شراء قوية من قبل المتعاملين تركز جزء كبير منها على الانتقائية بهدف اقتناص الفرص، وتزامن ذلك مع تحسن نسبي على المعنويات وانحسار جزئي للضغوط، مع تسجيل عمليات جني أرباح خلال جلسات التداول، لتغلق البورصات في المنطقة الخضراء دون الوصول إلى المستويات المسجلة خلال أغسطس الماضي. وكان المتعاملون لدى البورصات قد اعتمدوا على المؤثرات والمعطيات السائدة وقاموا بالتداول ضمن أسلوب الدخول والخروج السريع خلال جلسات التداول الأسبوعية الاخيرة، ذلك أن مستويات السيولة لم تصل إلى حدود آمنة وأن المخاوف والضبابية لم تنحسر تماما، بالإضافة إلى أن قدرة المتعاملين على تحمل مخاطر أعلى مازالت غير ممكنة، وبالتالي لابد من اقتناص الفرص والمضاربة، وكان للتطورات الداخلية نصيب في التحسن الذي سجلته بورصات المنطقة، حيث يدخل عامل توقعات نتائج الاداء الربعية إلى خليط المؤثرات المتعددة في الوقت الحالي، يذكر هنا أن كافة التوقعات والمؤشرات تشير إلى أن غالبية القطاعات الاقتصادية المدرجة لدى بورصات المنطقة سوف تحقق تحسنا متراكما على نتائج أدائها يأتي في مقدمتها القطاع المصرفي وقطاع البتروكيماويات. وقد لوحظ على الانخفاضات الحادة المسجلة خلال جلسات التداول للأسبوع قبل الماضي أنها جاءت بنفس القوة والتأثير لدى كافة البورصات، إلا أن رحلة التعويض والارتداد تباينت واختلفت من جلسة إلى أخرى ومن سوق إلى آخر خلال الاسبوع الماضي، وهذا يشير إلى أن أسباب الانخفاض ليست تماما نفس أسباب الارتداد، ذلك أن الهبوط لا يحتاج إلا إلى زعزعة ثقة المتعاملين لدى البورصات ورفع احتمالات تحقيق خسائر على الأسهم المحمولة، في حين تتطلب رحلة العودة والتعويض إلى عوامل تتجاوز في قوتها ومضمونها انخفاض مستوى المخاوف وانحسار الضبابية، فالعودة إلى المستويات المسجلة خلال أغسطس الماضي تحتاج إلى قرارات استثمارية جريئة وقدرة على تحمل أنواع متعددة من المخاطر النظامية وغير النظامية، وبالتالي فإن ارتفاع السيولة هنا أو هناك وتسجيل ارتدادات ملموسة تخللتها عمليات جني أرباح لاختبار قوة الارتداد بين جلسة وأخرى سوف لن تشكل خروجا آمنا من حالة الارتباك والضعف المسجلة على قرارات المستثمرين التي اتخذت قبل وبعد الاحداث والضغوط التي سادت مؤخرا. وكان لافتا أن أداء الاسهم المتداولة قد تشابه في حالات التراجع والضغوط من حيث الضعف وتساوت جميع الاسهم المتداولة وتلاشت الفوارق بينها، فلم يعد هناك وجود للأسهم القيادية والاسهم الاستراتيجية طويلة المدى والاسهم القوية والضعيفة ولم تعد هناك أسهم صغيرة أو كبيرة أو أسهم نشطة وأخرى راكدة، ويعود هذا الاتجاه إلى أن العلاقة بين المتعاملين والاسهم المتداولة تقوم على أساس آني في غالب الاوقات وتعتمد على مقدار الارباح الرأسمالية المحققة ليتم التخلص منها والانتقال إلى سهم آخر، وبالتالي فإن مبدأ التصنيف للأسهم المتداولة يقوم على هذا المنطق وهذا يعني عدم قدرة الاسهم على الصمود في مواجهة الضغوط اعتماداً على التصنيف غير الحقيقي الذي تسير عليه التداولات في أوقات الاستقرار والنمو فقط. وفي المحصلة نرى أن قدرة المتعاملين لدى بورصات المنطقة لم تصل إلى مستوى الحرفية المطلوبة، للتركيز على الأسهم ذات العلاقة بقوة المؤشرات والنمو الاقتصادي الحالي والمتوقع على قطاعاتها الرئيسية والاستراتيجية القائمة على النفط والغاز والقطاعات ذات العلاقة بأسواق التجزئة والاستهلاك وقطاع العقارات والاتصالات، ذلك أن فهم المؤشرات والمعطيات الاقتصادية وتفسيرها، هام جدا لاتمام عملية الاستثمار الناجح في كافة الظروف والاوقات.