كثرت الصحف الالكترونية منذ فترة ليست بالقصيرة، ودخول هذا النوع من الصحف والمواقع الإلكترونية فيه كثير من الإيجابية، وعلامة من علامات الانفتاح الإعلامي، وفتح مجالات مهمة لصناعة الخبر والمحتوى، وأيضاً فإنه يفتح مجالاً مهماً في مجال التسويق الإلكتروني واستقطاب الاعلان التجاري. بما لايدع مجالاً للشك أن الصحافة الورقية في الغرب قد أوشكت على الانتهاء، وباتت في حكم الميت سريرياً، حتى تحول الكثير منها لصحف الكترونية. هذا التحول المهم ضمن ازدياداً في النجاح، وازدياداً في الاستمرارية الإعلامية، خاصة مع دخول الهواتف المحمولة واللوحية سوق الإعلام الجديد، فصار كل إنسان - في الغالب - يملك جهازه بين يديه، ويطالع صحفه الالكترونية باستمرار. الذي أراه - من خلال متابعاتي عددا من الصحف الالكترونية لدينا - يدل على أن الصحافة الورقية لن تنتهي بسهولة، والسبب أن العديد من تلك الصحف الإلكترونية أشبه ما تكون بصحف الحائط المدرسية. وقد تلمست ورصدت بعضاً من الملاحظات إن لم تتلافاها الصحافة الالكترونية، فإنها ستكون صحافة من أجل الوجود والحضور الشكلي على الشبكة العالمية، ولن يكون لها أي تأثير يذكر في صناعة الخبر والوعيين الاجتماعي والثقافي. من أهم الملاحظات أنك لا تجد تلك الصحف قد وضعت رؤية أو أهدافاً أو رسالة، وهذه الثلاثية تعتبر المدماك الأساس في انطلاقة أي مشروع، وهي الضامن الرئيس في فتح جوانب الطريق المظلمة، ومعنى ذلك أن المشروع لن يستمر، والرؤية لمستقبله ضبابية وغير معروفة. لذلك فإن الصحافة الإلكترونية - في غالبها - تحولت لصحافة «قص ولصق» من الصحف الرسمية، ومن وكالات الأنباء المختلفة، وهذا القص واللصق أفقدها أهم ما يمكن أن تتميز به الصحافة الإلكترونية وتعرف من خلاله وهو صناعة المحتوى، فما صناعة المحتوى الذي تميزت به؟ بل الأصل في الإعلام الإلكتروني الجديد أنه بات منافساً قوياً في صناعة المحتوى على مستوى الخبر والتحقيقات واستقطاب كتاب جدد، لكن إذا عدمت الصحف الإلكترونية فكرة صناعة المحتوى والتميز من خلاله، فإنها ليست ذات قيمة مع وجود بدائل أخرى، ووجود قارئ لا يستهان به في البحث عن الجديد والحصري، وهو جدير بأن تحترم الصحافة تميزه وتكسبه. ومع محاولة بعض الصحف التفرد ببعض الأخبار، إلا أنها تقع في أخطاء في صياغة الخبر ومحتواه، ناهيك عن الأخطاء الاملائية والأسلوبية الفادحة التي تلقاك في هذا الخبر أو غيره، ولعل هذا ناشيء من الحماس الكبير في امتلاك صحافة إلكترونية، لكن دون التخطيط الجيد ومن ضمنه تكوين فريق عمل للتحرير وللمتابعة ولمراجعة للمحتوى قبل نشره. لدينا عدد كبير من الشباب الطموح الذين دخلوا هذا المجال، لكنهم بحاجة إلى صقل وتدريب ولا أدري إن كنا سنجد مبادرة من بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية للأخذ بيد المتعاونين في الصحافة الالكترونية من خلال تقديم دورات. هذه الدورات ستساهم في صناعة المنافسة بين مختلف الأنواع الإعلامية، وستكون مبادرة وطنية لأن تكون الصحف الجديدة مشاريع ناجحة، وتكون لها مداخيل مالية جيدة إذا هي فهمت السوق وأحسنت صناعة المحتوى. من المهم أيضاً أن تكون لدينا جائزة للمحتوى الالكتروني. فالمنافسة على الجوائز ستكون محفزاً لبذل مزيد من الاستمرارية والنجاح. تويتر : @saldhamer