الإعلام أصبح منذ زمن سلاحا معنويا مهما وقيما، تتنافس الدول والجهات ذات التأثير والنفوذ في السيطرة عليه، وإمالته لصالحها وتوجيهه لما يخدم مصالحها وتوجهاتها. وقد أصبحنا نرى ونلمس تأثيرا قويا للإعلام التقليدي (الصحافة الورقية والتلفزيون والإذاعة). والإعلام الاجتماعي الحديث (فيسبوك وتويتر ويوتيوب) على قيادات الدول، وكذلك على تركيبتها الاجتماعية والثقافية والفكرية والتعليمية. والدول العربية التي تمر بتحولات عدة سيكون الإعلام بشقيه التقليدي والإلكتروني جزءا رئيسيا من عملية إعادة بناء المنطقة العربية وتشكيل فكر أبنائها. وحتما الذي سينجح في قيادة الإعلام والتأثير من خلاله سيحجز له مكانا مهما في المستقبل. ويعتبر الوقت مبكرا ليتمكن «الإعلام الإلكتروني» من سحب البساط بشكل كامل والتفوق على «الإعلام الورقي» المتمكن من أدواته ومحتواه والمسيطر على سوق الإعلان الصحفي الكبير، ولكن أرى أن المستقبل للإعلام التقليدي الورقي في «القالب الإلكتروني» التفاعلي الحديث، أي تحديدا سيكون المستقبل للمواقع التفاعلية للصحف التقليدية ذات المحتوى المهني الأصيل، ولكن بقالب حديث ومتطور وتفاعلي ومحدث على مدار الساعة، لذلك أتمنى أن تهتم الصحف الورقية بتحديث نفسها والاهتمام بمحتوى مواقعها الإلكترونية وإنشاء نسخ كفية خاصة بأجهزة الجوال، وكذلك نسخ خاصة بأجهزة الآيباد والتاب. فالمحتوى الإعلامي الاحترافي لا يجب أن يقتصر توصيله على الطرق التقليدية فقط. أما «الصحف الإلكترونية»، فلا بد أن تطور المهنية وتنمي قدراتها المالية وتحاول كسب ثقة المعلن والقارئ حتى يكون لديها القدرة على المنافسة وصناعة محتوى إعلامي محترم ومنافس لمواجهة القوة الموجودة لدى المؤسسات الصحفية التقليدية. ولا توجد «صحف إلكترونية» تستحق التقدير سوى قلة، أما معظمها مع احترامي فهي عبارة عن «قص ولصق» وإعادة نشر لأخبار الصحف الورقية. وهذا الأمر لن يؤهلها أبدا للتفوق مستقبلا. ومنذ وقت قريب، بدأت طريقة جديدة في عرض الصحف والمجلات على جهاز «الآيباد» وبقية الأجهزة التي يطلق عليها مسمى «تابليت». بحيث يصب محتوى إعلامي رصين مصحح ومحكم «ورقي في الأساس» في قالب إلكتروني يسمح للمشاهد بالقراءة وفتح الروابط واستعراض الصور وعرض الإعلانات المصورة والتلفزيونية والاستماع للمقاطع الصوتية، كل ذلك في صحيفة واحدة وعلى جهاز واحد. وكل خبر مقروء لديه الإمكانية أن يضيف صورة أو مقطع فيديو أو مقطعا صوتيا أو إعلانا لدعم هذا الخبر بكل الوسائل التي تمتع القارئ وتزيد تأثره واقتناعه، كأن يستعرض المشاهد خبرا عن مجازر سوريا مثلا، ثم يشاهد صور فيديو من قلب الحدث مع الخبر. ثم يقرأ خبرا رياضيا ويشاهد الأهداف ومقاطع التدريب، وهكذا يقرأ ويسمع ويشاهد القارئ في نفس الوقت ما يسمى بالإعلام «الورقكتروني». وهذا هو مستقبل الإعلام الجديد. Twitter: @hishamkaaki Facebook: Hisham Kaaki