قلق إسرائيل من غموض نتائج احتجاجات بعض الدول العربية والمآلات التي يمكن أن تصل إليه وارتداداتها على الصراع العربي الإسرائيلي يمكن فهمه خصوصا أن الجميع يترقب النتائج ومحطات الوصول الأخيرة. ولعل ما لم يدر في خلد إسرائيل وأجهزة استخباراتها تسارع وتيرة الأحداث وخروجها عن التوقعات وعن خيال المحللين السياسيين فمثلا ما حدث في مصر من تغييرات دراماتيكية أظهر عجز إسرائيل عن الفهم – وهي التي تدعيه – والتنبؤ بنجاح الثورة حتى إن أجهزة استخباراتها أخفقت في تنبيه القادة السياسيين لتطورات الأحداث وبالتالي خسرت مواقع متقدمة في مصر وبالتحديد فيما يخص المحطات الاستخباراتية والتعاون المشترك في تبادل المعلومات. رغم الخسارة الإسرائيلية الفادحة في المشهد العربي إلا أنها بكل وقاحة استمرت في حربها على الفلسطينيين من خلال استهداف المدنيين وتشجيع المستوطنين اليهود على التعدي على المنازل والأراضي العربية في القدس والضفة الغربية. نحن ندرك أن سياسة التوسع ثابت إسرائيلي لا يتغير لكن أن يحدث بصورة انتهازية نتيجة انشغال الأطراف العربية بحرائقها وعواصفها لهو أكبر دليل على أن إسرائيل مخادعة ولن تقدم أي تنازل للعرب والفلسطينيين. قبل اندلاع حرائق العرب كان الرأي العام العالمي ضاغطا على زعماء إسرائيل في مجال الاستيطان ودفعها إلى المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لدراسة بعض مشاريع الحلول أما الآن فالإدارة الأمريكية منشغلة بأحداث العرب وكذلك الاتحاد الأوروبي مما يمنح الفرصة لزعيم إسرائيلي يميني متطرف مثل نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان أن يمارسا أقصى درجات التطرف وإرهاب الفلسطينيين والاستفراد بهم. هل انشغال العرب بهمومهم القطرية أفضل ظرف لاستكمال طوق التطرف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين؟ إنها الفرصة السانحة والذهبية لدفع الفلسطينيين لخيارات تحددها إسرائيل مسبقا ولا تخرج عن الخيار الأول وهو دفع حركة حماس للقيام بعمل طائش لتقوم الآلة العسكرية الإسرائيلية باجتياح قطاع غزة وتصفية البنية العسكرية لحماس وإعادة ترتيب الأولويات الفلسطينية أو تلجأ للخيار الثاني المتمثل في الحصار السياسي للسلطة الفلسطينية ليقدم أبومازن خيارات سياسية للتخلص من السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بحجج مثل دعوته المجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية. إسرائيل لا شك ستجيّر الظروف العربية لصالحها هكذا يعلمنا درس التاريخ مع دولة عنصرية ترى في الفلسطينيين عدوا تجب تصفيته.