قال أريد أن أكون سعيدا ، قلت: السعادة بيدك لا بيد غيرك، قال: ولكنني غير سعيد ولا أعرف كيف أكون سعيدا، قلت: هل مرت عليك لحظات في حياتك كنت فيها سعيدا؟ قال: نعم ولكنها قليلة، فأنا عشت في معاناة كثيرة في حياتي وأشعر أنني لست سعيدا، قلت: وماذا تتوقع مني الآن؟ قال: أتوقع أن تخبرني كيف أكون سعيدا، قلت: هل تعلم أن السعادة تكمن في أمور بسيطة وفعل أشياء صغيرة، قال: لم أتوقع هذا! بل أتوقع أن تحدثني عن أشياء كبيرة كامتلاك بيت كبير أو سيارة فارهة أو امتلاك آلاف الدنانير برصيدي البنكي أو شهرة أحصل عليها، قلت له: هذا ما يروجه الإعلام ويظهر لنا أن الأغنياء والمشاهير هم أسعد الناس ولكن الحقيقة خلاف ذلك، قال باستغراب: عجيب ما تقول، قلت: بل العجيب هو فهم الناس للسعادة، دعني أذكر لك أمورا صغيرة جدا ولكنها تغير لك حياتك وتجعلك سعيدا، قال: تفضل .. قلت: سأخبرك عن خمس عشرة فكرة عملية وبسيطة جربها تكن سعيدا، أولها أن يكون لديك في الدنيا من يحبك سواء كان صديقا أو أخا أو زوجة أو والدين أو غيرهما، فشعورك بأن هناك أشخاصا يحبونك ويتمنون لك الخير يشعرك هذا بالسعادة والرضا النفسي، ثانيا أنك تتعلم أن تغفر وتسامح من أساء إليك أو أخطأ في حقك فتخبره بذلك من خلال الحديث أو برسالة فإن هذا يحقق لك الرضا والسعادة، ثالثا جرب أن تعمل شيئا كنت تعمله وتحبه عندما كنت طفلا، وقد ذكرت هذه الفكرة لشخص مثلك فأخبرني بأنه يحب ركوب الدراجات فاشترى دراجة وصار يركبها كل يوم لمدة ساعة وتغيرت نفسيته وحياته للأفضل، رابعا أن تقرأ كتابا تحبه أو تقرأ كتبا فكاهية تسعدك مثل (أخبار الحمقى والمغفلين) فقد ألفه ابن الجوزي لتوسعة الصدر والترفيه عن النفس والضحك، خامسا أن تقدم هدية لشخص عزيز عليك وتقضي الوقت في التفكير فيها واختيارها وشرائها فإنك ستعيش لحظات السعادة وتسعد عندما يخبرك بسعادته بسبب هديتك، سادسا أن تخصص لك وقتا بالجلوس مع الأطفال فتسمع حديثهم وهمومهم وتشاركهم اللعب فإنهم سيخرجونك من دنياك لدنياهم فتشعر بالسعادة، سابعا أن ترتب خزانتك بالبيت وتخرج الملابس التي لا تلبسها فتتصدق بها للفقراء والمحتاجين، ثامنا أن تتصل بصديق يؤنسك حديثه فتسعد بحديثه أو الجلوس معه في مقهى أو حديقة، تاسعا أن تشبع جسدك نوما فيرتاح تفكيرك وجسدك فتشعر بالسعادة، عاشرا أن تمارس الرياضة وخاصة السباحة أو المشي على الأقل ثلاث مرات اسبوعيا، حادي عشر أن تجلس مع الوالد أو الوالدة فالجلوس معهما أنس وسعادة ورضا، ثاني عشر علم نفسك أن تكثر من الابتسامة وتدرب عليها فإن نفسيتك ستتأثر بها، ثالث عشر وهي زيارة المقبرة وربما تستغرب من هذه الفكرة ولكنك عندما تزور المقبرة ستعيش لحظات معرفة حقيقة الحياة وأن الهموم التي تعيشها لا تشكل لك قيمة أمام الحياة الآخرة فتكون سعيدا، رابع عشر أن تجالس كبار السن فهم أصحاب طرفة ومزحة يسعدونك بقصصهم وذكرياتهم، خامس عشر أن تدعو الله أن يشرح قلبك ويسعد فؤادك.. قال: ما شاء الله إنها فعلا أفكار بسيطة وصغيرة، قلت له: نعم وأهم خطوة الآن أن تبادر نحو السعادة، فلا تتوقع أن السعادة ستدخل عليك من الباب وأنت جالس وإنما السعادة تأتيك عندما تتحرك إليها، فالسعادة قرار تتخذه أنت ولا يملك أحد أن يبيعك إياها، وإنما متى ما قررت أن تكون سعيدا ستكون سعيدا بإذن الله وترى الأحداث من حولك تساهم في سعادتك، وعندما تكون سعيدا فإنك ستنقل السعادة لغيرك لأن السعادة تنتقل بالعدوى فمن جاور السعيد سعد، وأهم شيء أن يكون الله راضيا عنك، وأنت راض عن نفسك فقد قيل للسعادة: أين تسكنين؟ فقالت: في قلوب الراضين، وأوصيك بقراءة كتاب (مفتاح دار السعادة) لابن الجوزية وأخبرني برأيك بعد قراءته.. drjasem@ تويتر