بدأت ملامح ضربة عسكرية وشيكة ضد نظام الأسد ترتسم في ظل تزايد الاتهامات الدولية له باستخدام اسلحة كيميائية في حربه ضد المعارضة، على وقع تكثيف المشاورات واللقاءات بين واشنطن وحلفائها للتحضير لتحرك عسكري أكدت دمشق عزمها «الدفاع عن نفسها» بمواجهته. وكانت وسائل الإعلام قد ذكرت أن عدداً من السفن الحربية الأميركية المجهزة بالصواريخ المجنحة «توما هوك» والغواصات الذرية الأميركية انتشرت بالقرب من السواحل السورية. وقال جاي كارني ان النظام السوري مسؤول «بلا شك» عن استخدام اسلحة كيميائية الاربعاء الماضي في ريف دمشق، كاشفا عن توجه واشنطن لنشر تقرير استخباري يثبت ذلك قبل نهاية الاسبوع الجاري. كما صرح الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن في ختام اجتماع لسفراء دول الحلف مخصص لسوريا أمس الأربعاء ان استخدام اسلحة كيميائية امر «غير مقبول» و»لا يمكن ان يمر بلا رد». (مجلس الأمن) في نيويورك، أجرى سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي محادثات الاربعاء في مقر الاممالمتحدة لمناقشة مسودة قرار تقدمت به بريطانيا الى مجلس الامن يمكن ان يسمح بشن عمل عسكري ضد سوريا، لكن سفيري روسيا والصين، اللتين تعارضان بشدة شن عمل عسكري ضد حليفهما نظام بشار الاسد، غادرا جلسة المفاوضات المغلقة بعد نحو 75 دقيقة من بدئها، واعتبرت موسكو أنه لابد من صدور تقرير المفتشين الدوليين أولا قبل الدخول في المفاوضات. وانتهت المحادثات بدون مؤشر الى ان المجلس المؤلف من 15 عضوا يمكن ان يصوت في وقت قريب على قرار يدين استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا. وواصل سفراء واشنطنولندن وباريس محادثاتهم الا انهم غادروا القاعة بدون الادلاء بأي تصريحات. وترغب الحكومة البريطانية في ان يتخذ المجلس قرارا يسمح باتخاذ جميع الاجراءات الضرورية لحماية المدنيين وهو قانون الاممالمتحدة للقيام بعمل عسكري. إلا ان روسيا والصين اعترضتا على ثلاثة مشاريع قرارات منذ بداية النزاع السوري في اذار/مارس 2011 لزيادة الضغط على الاسد وفرض عقوبات عليه. واكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في لندن ان المحادثات في الاممالمتحدة بشأن الازمة السورية ستتواصل «خلال الايام المقبلة» الا انه اكد ان على المجتمع الدولي مسؤولية التحرك بشأن سوريا حتى لو لم يتم التوصل الى اتفاق في نيويورك. وقالت وزارة الخارجية الامريكية انه ينبغي عدم السماح لنظام الأسد أن يحتمي بروسيا في مجلس الامن. وأقر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بأن تبني مجلس الامن الدولي مشروع القرار أمر «مستبعد» الا انه جدد تأكيده على وجوب التحرك لوقف «الجريمة ضد الانسانية» في سوريا حتى من دون موافقة الاممالمتحدة. وقال للصحافيين «اتوقع حصول مزيد من المناقشات في نيويورك خلال الايام المقبلة، لقد بدأنا هذه المحادثات بشأن قرار لان الافضل هو ان تكون الاممالمتحدة موحدة، حتى لو ان ذلك يبدو مستبعدا نظرا الى الفيتو الذي استخدمته روسيا والصين في السابق، الا ان علينا المحاولة». واضاف هيغ «نحن واضحون انه في حال تعذر الوصول الى اتفاق، في حال لم يحصل اتفاق في الاممالمتحدة، تبقى لدينا مسؤولية، نحن ودول اخرى، تبقى لدينا مسؤولية». وتابع «من المهم الرد على ما حصل. من الاهمية بمكان عدم التأخر في الرد والا فلن يعلم الناس الغرض من هذا الرد». وقال «انه اللجوء الاول الى الحرب الكيماوية في القرن الحادي والعشرين، هذا الامر غير مقبول، علينا مواجهة ما يشكل جريمة حرب، جريمة ضد الانسانية». وقال هيغ ايضا «اذا لم نقم بذلك، فسنواجه جرائم اكثر خطورة في المستقبل. لذا نواصل البحث عن رد قوي من المجتمع الدولي، يكون قانونيا ومتوازنا ويرمي الى منع اي استخدام للاسلحة الكيميائية في المستقبل». (مهمة المفتشين) وأعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان مفتشي الاممالمتحدة يحتاجون الى اربعة ايام للانتهاء من عملهم. وصرح في مؤتمر صحافي في لاهاي «دعوهم ينهوا عملهم في اربعة ايام». واوضح المتحدث باسمه مارتن نيسيركي أنه كان يتحدث عن اجمالي اربعة ايام، وهو ما يشير الى ان المفتشين الذين بدأوا التحقيق في موقع الهجوم يوم الاثنين يحتاجون حتى يوم الجمعة لاكمال عملهم. وفي دمشق، قام مفتشو الاممالمتحدة بزيارة للغوطة الشرقية التي شهدت الهجوم الكيماوي الاسبوع الماضي وأخذوا عينات من المصابين، بحسب مراسلين وناشطين. وقال أحد المفتشين الدوليين باللغة العربية في شريط فيديو بث على «يوتيوب» الالكتروني «أخذنا عينات كافية من الدم والبول والشعر» من مصابين. «اذا هناك شيء ايجابي، سيظهر». وردا على سؤال عما اذا كانت العينات كافية لتشخيص ما اذا كان الهجوم الكيماوي حصل، قال المحقق الدولي «لا مشكلة. اذا كان هناك (امر) ايجابي، يظهر حتى لو بعد اسابيع». وكان المفتش يتحدث داخل مشفى ميداني في منطقة لم تحدد في الغوطة الشرقية شرق دمشق. واستهدفت الصواريخ التي تحمل سلاحا كيميائيا في 21 آب/اغسطس مناطق في الغوطة الشرقية واخرى في الغوطة الغربية وتسببت بمقتل نحو 1500 سوري. وكان فريق خبراء الاممالمتحدة زار معضمية الشام جنوب غرب دمشق الاثنين في اطار المهمة ذاتها. وعلقت المهمة الثلاثاء بسبب «مخاوف امنية» بحسب الاممالمتحدة. وتقع المعضمية والغوطة الشرقية تحت سيطرة الثوار. وقال الناشط الاعلامي ابو نديم من منطقة دمشق في اتصال مع وكالة فرانس برس عبر سكايب ان النظام «نفذ اليوم تعهده بوقف اطلاق النار للسماح للجنة محققي الاممالمتحدة بزيارة الغوطة الشرقية التي شهدت هدوءا غير اعتيادي ولم نسمع حتى تحليقا للطيران». واشار ناشطون الى ان الزيارة شملت زملكا وعين ترما. وقال ابو نديم ان محققي الاممالمتحدة كانوا «في حماية قائد لواء البراء عبد الناصر شمري الذي استقبلهم ورافقهم، وعمل عناصر اللواء على حمايتهم خلال الجولة». واشار الى ان زملكا «كانت لها الحصة الاكبر بالشهداء والاصابات الخطرة». وغادر وفد الاممالمتحدة الفندق الذي ينزل فيه في دمشق الساعة العاشرة صباحا وعاد اليه قرابة الرابعة والنصف عصرا.