بدأت ملامح ضربة عسكرية وشيكة ضد نظام الأسد ترتسم في ظل تزايد الاتهامات الدولية له باستخدام اسلحة كيميائية في حربه ضد المعارضة، على وقع تكثيف المشاورات واللقاءات بين واشنطن وحلفائها للتحضير لتحرك عسكري أكدت دمشق عزمها «الدفاع عن نفسها» بمواجهته. وكانت وسائل الإعلام قد ذكرت أن عدداً من السفن الحربية الأميركية المجهزة بالصواريخ المجنحة «توما هوك» والغواصات الذرية الأميركية انتشرت بالقرب من السواحل السورية. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان النظام السوري مسؤول «بلا شك» عن استخدام اسلحة كيميائية الاربعاء الماضي في ريف دمشق، كاشفا عن توجه واشنطن لنشر تقرير استخباري يثبت ذلك قبل نهاية الاسبوع الجاري. كما صرح الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن في ختام اجتماع لسفراء دول الحلف مخصص لسوريا أمس الأربعاء ان استخدام اسلحة كيميائية امر «غير مقبول» و»لا يمكن ان يمر بلا رد». وقال راسموسن ان «المعلومات المتوافرة الاتية من عدد كبير من المصادر تعتبر النظام السوري مسؤولا عن استخدام اسلحة كيميائية» في هجمات وقعت بالقرب من دمشق مؤكدا ان «المسؤولين يجب ان يحاسبوا». صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بأن «المعلومات المتوافرة الآتية من عدد كبير من المصادر تعتبر النظام السوري مسؤولا عن استخدام أسلحة كيميائية» في هجمات وقعت بالقرب من دمشق مؤكدا ان «المسؤولين يجب ان يحاسبوا». مجلس الأمن من جهة أخرى بدأ مبعوثو كل من بريطانيا والصين وفرنساوروسياوالولاياتالمتحدة محادثات أمس الاربعاء حول مسودة القرار الذي تقدمت به بريطانيا الى مجلس الامن والذي يمكن ان يسمح بشن عمل عسكري ضد نظام بشار الاسد، بحسب ما افاد دبلوماسيون. وترغب بريطانيا في ان يسمح القرار باتخاذ «جميع الاجراءات الضرورية لحماية المدنيين»، الا انه من المتوقع ان تعارض روسيا بشدة اي خطوات غربية باتجاه توجيه ضربات عسكرية ضد اهداف سورية. وفي وقت سابق، أشار وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل الى ان بلاده مستعدة للتحرك ضد سوريا في اية لحظة. ونقلت الصحافة الامريكية عن مسؤولين كبار في ادارة اوباما ان هذا التحرك يرجح الا يستغرق اكثر من يومين وقد يشمل صواريخ بعيدة المدى تستهدف مواقع عسكرية لا تتعلق مباشرة بترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية. واشار مسؤولون اميركيون الى ان الهدف ليس تغيير موازين القوى بين مقاتلي المعارضة والنظام لكن «ردع» الرئيس السوري عن استخدام اسلحة كيميائية مجددا و»تقليص» قدرته على القيام بذلك. وفي السياق نفسه، أجرى وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل اتصالا هاتفيا بنظيره الالماني توماس دي ميزيير أمس الاربعاء لبحث الرد المحتمل على استخدام سوريا لاسلحة كيميائية بحسب مسؤولين. وصرح المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل ان هيغل الموجود في بروناي للمشاركة في اجتماع لوزراء الدفاع الاقليميين تحادث مع دي ميزيير حول «حاجة المجتمع الدولي الى بحث الردود على هذا التطور المأسوي في سوريا». وتحدث الرجلان وسط تزايد المؤشرات الى اتجاه الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا نحو تنفيذ عمل عسكري عقابي ضد النظام السوري ردا على الهجوم الكيمياوي. كما «لفتا الى ان استخدام الاسلحة الكيميائية ينتهك اسس القانون الدولي» بحسب ليتل. وفي وقت سابق، اعلنت لندن ان الجيش البريطاني يتحضر لاحتمال القيام بعمل عسكري، مشيرة ايضا الى ان بريطانيا «لا تحاول قلب» النظام السوري. واستدعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون البرلمان البريطاني لاجراء تصويت اليوم الخميس بشأن «رد بريطانيا على الهجمات بالسلاح الكيميائي». كما أعلن كاميرون أمس الأربعاء موافقة مجلس الأمن القومي البريطاني «بالإجماع « على أنه ينبغي للعالم ألا يقف موقف المتفرج بعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية الذي تردد أن قوات النظام السوري قامت بشنه. وأضاف كاميرون في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعد عقد المجلس جلسة محادثات طارئة: «وافق مجلس الأمن القومي بالإجماع على أن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية غير مقبول، وينبغي للعالم ألا يقف موقف المتفرج». كذلك قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن فرنسا «مستعدة لمعاقبة الذين اتخذوا القرار الدنيء باستخدم الغاز ضد الأبرياء» في سوريا. الحليف الرئيسي وفي روسيا، الحليف الرئيسي للأسد، أكد مصدر في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، أمس الاربعاء أن هيئة الأركان تتابع وتحلل باستمرار تطور الأوضاع العسكرية حول سوريا. وقال المصدر لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء: «منذ بداية تصعيد النزاع تتابع هيئة الأركان الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط وتقوم بتقييمه». وأضاف أن هيئة الأركان تتابع الأوضاع من أجل الحصول على أكبر حجم ممكن من المعلومات التي ستستخدم في خدمة مصالح الأمن القومي الروسي. وأكد المصدر أن ورشة العمل العائمة التابعة لأسطول البحر الأسود التي تنفذ المهام المنوطة بها في ميناء طرطوس السوري سيتم سحبها ووضعها تحت حماية السفن المتواجدة في المتوسط في حال تفاقم الوضع. الحدود الشمالية وعلى حدود سوريا الشمالية ارسلت تركيا عمال اغاثة اضافيين مدربين على تحديد ضحايا الاسلحة الكيماوية وتطهيرهم الى حدودها مع سوريا. وقال مصطفى ايدوجدو المتحدث باسم هيئة ادارة الكوارث والطوارئ «زودنا اجراءاتنا بصورة كبيرة منذ الاسبوع الماضي لكي نكون مستعدين على الاخص في حال وقوع هجوم كيماوي.» وأضاف «لدينا خبراء يمكنهم التعامل مع الهجمات الكيماوية ونشرناهم كلهم تقريبا في كيليس وهاتاي وشانليورفا» وهي مدن حدودية بها العشرات من مخيمات اللاجئين. وقال ايدوجدو ان قرابة 200 الف لاجئ سوري يقيمون في نحو 24 مخيما تركيا بينما يعيش البقية في مساكن مؤجرة في المدن الحدودية. واضاف انه تجري إقامة مخيمات جديدة. وتابع «يمكننا استضافة 20 الفا آخرين في مخيمنا في فيرانشهير قرب الحدود. لا توجد مشكلة في القدرة الاستيعابية في هذه المرحلة.» حالة تأهب وعلى الحدود الشرقية لسوريا وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس الاربعاء التدخل العسكري الغربي المحتمل في سوريا ب»الطريق المسدود» معلنا في الوقت نفسه وضع بلاده في حالة انذار قصوى بالتزامن مع موجة هجمات في عموم البلاد. وقال المالكي في كلمة اسبوعية عبر قناة العراقية شبه الرسمية «منذ البداية انتهجنا سياسة معارضة الحل العسكري وقلنا انه طريق مسدود ليس فيه الا تدمير سورية وتمزيق وحدتها الداخلية وعذاب اهلها وفتح باب المآسي والفجائع». كما أعلن المالكي في الوقت نفسه عن قيام حكومته ب»اتخاذ كل الاجراءات اللازمة التي تقينا من اي تطورات خطيرة قد تنتج عن الازمة السورية وما يجري الحديث عن ضربة متوقعة». واضاف «نعلن عن حالة استنفار قصوى وحالة انذار شديد على مستوى التحديات الامنية وعلى مستوى اتخاذ الاجراءات اللازمة لتخفيف ما قد يترتب على الحرب من ازمات داخلية». اما اسرائيل فتوعدت من جانبها برد «عنيف» اذا ما هاجمت دمشق الاراضي الاسرائيلية. كما أمر مجلس الوزراء الأمني المصغر في إسرائيل أمس الأربعاء باستدعاء محدود لقوات الاحتياط بالجيش لمواجهة أي تهديد محتمل من سورية. وقال مسؤول حكومي لوكالة الأنباء الألمانية «التقييم الإسرائيلي هو أنه إذا تم توجيه ضربة عسكرية غربية ضد سورية، فإن احتمال رد سورية بشن هجوم على اسرائيل هو احتمال ضعيف».