دعم الطاقة بتقديم المعونات المالية والاسعار التشجيعية هو أسلوب تلجأ إليه الحكومات في العالم الصناعي والنامي مع تباين واسع في الأهداف والآلية. الدول النامية، وبالاخص الدول الغنية بالنفط، تستخدم الدعم لمزيج من الأهداف الاقتصاديه والاجتماعية والسياسية ومن اهمها تعزيز النمو الاقتصادي وتوزيع الثروة وتخفيض تكلفة المعيشة وتحقيق الرفاهية العامة. وفقا لوكالة الطاقة الدولية تصنف السعودية مع ثلاث دول خليجية اخرى من بين أكبر الدول العشر الداعمة للطاقة في العالم. وطبقا لنفس المصدر، يقدر اجمالي الدعم التي قدمته الحكومة للوقود والكهرباء في عام 2010 بحوالي 44 مليار دولار، يشكل ما نسبته 10% من الدخل المحلي الاجمالي، وتصل نسبة الدعم الى 76% من قيمة الطاقة المدعومة بالأسعار العالمية. الأرقام المقارنة تشير الى ان اسعار البنزين والديزل والكهرباء اقل بكثير من متوسط الاسعار العالمية. وبالنتيجة أصبحت المملكة من بين الدول العشر في العالم من حيث اجمالي استهلاك الطاقة وارتفاع معدلات استهلاكها. ونتفق كثيرا بأن الأسعار المنخفضة أدت الى الإسراف في استخدام الوقود والكهرباء وشجعت في ايجاد وتعزيز الأنماط الاستهلاكية المبذرة. وطبقا لمبادئ النظرية الاقتصادية يعتبر دعم اي سلعة وسيلة مكلفة وغير فعالة وتشوه الكلفة الحقيقية وتؤثر سلبا على كفاءة استخدام الموارد وتشجع على الإفراط في الاستهلاك. ومن هذا المنطلق تطالب المنظمات الدولية بتخفيض الدعم وازالته لاسباب اقتصادية وبيئية. من ناحية أخرى يرى البعض ان المملكة حباها الله بثروة كبيرة من النفط وبايرادات مالية هائلة وبالتالي يعتبر الدعم للطاقة أمرا ضروريا كجزء من توزيع الثروة وتحقيق الرفاهية وتخفيض كلف المعيشة. يكثر الحديث حول ضرورة ان تقوم الحكومة بتخفيض الدعم لإيقاف الهدر والإسراف في استهلاك الطاقة. وهنا يجب ان نفرق بين نوعين من الدعم: الدعم الضمني والدعم الصريح. الأول يشكل الفرق بين الأسعار الدولية والمحلية، فحين تقوم الحكومة ببيع برميل النفط لشركة الكهرباء ب 5 دولارات وسعره العالمي 100 دولار يصيح الدعم الضمني 95 دولارا. أما الدعم الصريح فتحدده التكلفة الفعلية (المحاسبية) لإنتاج البرميل. وطبقا لبعض المصادر تقدر تكلفة انتاج برميل النفط في السعودية حوالي 5 دولارات، وبالتالي لا يصنف سعر البيع لشركة الكهرباء بالسعر المدعوم حيث انه غطى تكلفة الانتاج الفعلية. اتفق كثيرا مع المطالبين بترشيد الاستهلاك ورفع كفاءة استخدام الطاقة. وهناك وسائل عديدة للوصول لهذا الهدف يكون من بينها تعديل الأسعار بما يضمن تحقيق الكفاءة والعدالة الاجتماعية. لا اعتقد ان رفع الأسعار هو الحل الوحيد او الأمثل. أثبتت الدراسات الاقتصادية الاحصائية ان المرونة السعرية للطلب على الكهرباء والبنزين منخفضة، بمعنى ان رفع السعر سيؤدي الى تقليل الاستهلاك بنسبة اقل من نسبة رفع السعر، اي تقليل الاستهلاك من السلعتين بقدر ضئيل باعتبارهما ضروريتين ولا بديل لهما. وحتى يكون رفع السعر مؤثرا لابد من زيادته بمقدار كبير وهذا لن يكون مقبولا اجتماعيا, وربما اقتصاديا, في ظل غياب البدائل الملائمة والبرامج التعويضية للفئات المتضررة. استخدام السيارة الخاصة للعمل والجامعة والعيادة والبقالة هي ضرورية ولا بديل لها. التكييف في المنازل والمباني ليس أمرا كماليا. نعم هناك ضروره باعادة النظر في هيكلية الدعم الحكومي وتقنينه بايجاد وتطبيق الاجراءات التي تحمي الفئات متدنية الدخل والقطاعات الانتاجية المتضررة ذات القيمة المضافة اقتصاديا ووطنيا.