قبل اشهر من الانتخابات بدأ التوتر يسود على ما يبدو اوساط الحكومة الهندية التي تكثف الاجراءات لوقف تدهور الروبية في واحدة من اسوأ ازماتها منذ اكثر من عشرين عاما، لكن قراراتها بقيت حتى الآن بلا جدوى. وبلغ سعر الدولار امس 63 روبية مقابل 62,03 روبية الجمعة في اسوأ تراجع لها. اما بورصة بومباي فقد شهدت اسوأ انخفاض منذ عامين بلغت نسبته خلال الجلسة قرابة 4 بالمائة. الا انها اقفلت على تراجع قدره 1,26 بالمئة عند 18 الفا و307 نقاط. وقال راجيف مالك الاقتصادي في مجموعة «سي ال اس ايه» لوكالة فرانس برس «يبدو ان ايا من (اجراءات الترقيع) لا تجدي. لم ينجح اي منها في قلب التوجه». النمو يتراجع 5 بالمائة (للعام المالي 2012-2013) الى نسبته الاقل منذ عشر سنوات، فيما بلغ برنامج اصلاحات اقتصادية نقطة الجمود تقريبا حيث فضلت الحكومة ابقاء الوضع الحالي على ما هو قبل الانتخابات العامة في الربيع المقبل، اضافة الى فساد مستشر وعجز بلغ اعلى مستوياته.وخسرت الروبية 75 بالمائة من قيمتها امام العملة الخضراء منذ كانت في اعلى مستوياتها في فبراير 2008 عندما كانت يبلغ سعرها 39,40 روبية للدولار. ومنذ مطلع 2013 تسارع تراجعها، وخسرت 13 بالمائة في اقل من ثمانية اشهر في تدهور هو الاسوأ في هذه الفترة لعملة دولة آسيوية كبرى (الى جانب الين الياباني). وحاول رئيس الوزراء مانموهان سينغ السبت تهدئة النفوس مؤكدا انه لا يخشى تكرار ازمة 1991 عندما اوشكت البلاد على ان تعلن العجز عن تسديد ديونها. وصرح سينغ «ان العودة الى ازمة 1991 غير واردة» علما انه كان آنذاك وزيرا للمال وينسب اليه النجاح في اخراج البلاد من الازمة عبر بدء برنامج اصلاحات واسع النطاق. وذكر ان الاحتياطي من العملات الاجنبية لم يكن آنذاك يوازي الا 15 يوما من المدفوعات المستحقة. وتابع «اليوم لدينا بين ستة وسبعة اشهر، لذلك لا مجال للمقارنة». من جهته، اكد كبير الاقتصاديين في البنك الدولي كوشيك باسو الذي كان وزيرا للمالية في الهند حتى سبتمبر الماضي ان الهند لا تواجه خطر ازمة اقتصادية كبيرة، مشددا على انه «يبالغ» في الحديث عن المشاكل. وقال ان «النمو قد لا يكون بلغ الحد الادنى لكن الوضع ليس سيئا بالدرجة التي يصورها الناس وتنقلها وسائل الاعلام». وتابع ان «الهند ليست قريبة باي شكل من الازمة التي شهدتها في 1991 والحديث عن مشاكلها مبالغ فيه». وبعض من اسباب ضعف الروبية غير متعلق بالهند. فعملات الدول النامية الكبيرة تشهد حاليا تراجعا بسبب مغادرة رؤوس الاموال الاجنبية الى الولاياتالمتحدة حيث يتوقع تحسن النمو والاسعار. لكن عددا من العناصر يتعلق بالبلاد حصرا. فالنمو يتراجع بالمائة (للعام المالي 2012-2013) الى نسبته الاقل منذ عشر سنوات، فيما بلغ برنامج اصلاحات اقتصادية نقطة الجمود تقريبا حيث فضلت الحكومة ابقاء الوضع الحالي على ما هو قبل الانتخابات العامة في الربيع المقبل، اضافة الى فساد مستشر وعجز بلغ اعلى مستوياته. ومنذ الاول من يونيو سحبت الصناديق الاجنبية حوالى 11,58 مليار دولار بشكل اسهم وسندات دين بحسب الاحصاءات الرسمية. وبالرغم من احتمال النمو الكبير في القوة الاقتصادية الثالثة في آسيا يرى المستثمرون ان «الامور ليست جيدة حاليا» بحسب سونام اوداسي رئيس الابحاث في مجموعة «اي دي بي اي كابيتال». وفي الاسابيع الفائتة اعلنت الحكومة والبنك المركزي عن اجراءات لوقف تراجع العملة ولجم العجز الجاري الذي يشكل اهم مقياس للمبادلات التجارية الهندية مع الخارج. من بين تلك الاجراءات رفع التعرفات الجمركية للحد من استيراد الذهب، واصدار سندات «شبه سيادية» للاتاحة للشركات الاجنبية سحب اموال من الخارج ودعم النمو، وفرض قيود على اخراج رؤوس الاموال للافراد والشركات. واثار الاجراء الاخير استياء الاوساط الاقتصادية التي تخشى عودة البلاد الى سياستها السابقة لتحرير الاقتصاد في مطلع التسعينات. وقد يخشى المستثمرون الاجانب الذين تسعى الهند الى جذبهم من ان يستهدفهم هذا الاجراء لاحقا بحسب المحللين. وصرح الاقتصادي لدى نومورا سونال فارما ان «السلطات تسعى الى تقليص عدم استقرار سوق القطع لكن اخشى ان ينتهي الامر بتوجيه رسالة ذعر». لكن مع الانتخابات المقررة في مايو 2014 يعتبر الاقتصاديون ان الحكومة لن تقر اصلاحات حاسمة لاخراج الاقتصاد من جموده. واعتبر بارام سارما من مكتب «ان اس بي فوركس» الاستشاري «اعتقد اننا ندخل مرحلة ازمة. ببطء ولكن بالتأكيد».