توقعت دراسة بحثية ألا يكون للتطورات المتلاحقة ضمن قطاع الطاقة العالمي تأثير كبير على المكانة الريادية لمنطقة الشرق الأوسط في هذا المضمار على المدى الطويل، وتفيد النتائج الواردة في الدراسة التي أعدّها قسم الأبحاث في «أورينت بلانيت» بأنّ المنطقة ستواصل الحفاظ على مكانتها باعتبارها القوة الأبرز عالمياً على مستوى الطاقة رغم تطوير الشركات الأميركية حلولاً تكنولوجية حديثة تستهدف زيادة إنتاج النفط واكتشافات الغاز الصخري في الأميركتين، وتلفت الدراسة إلى التأثير الكبير الذي سيشهده الاقتصاد العالمي والأمن النفطي إزاء التغيرات المحتملة في سلسلة توريد النفط العالمية، لن يُنحي منطقة الشرق الأوسط عن مكانتها كأحد أهم رواد قطاع النفط والطاقة باعتبار أنها تمتلك أكبر مخزون احتياطي من النفط في العالم بنسبة 66 بالمائة من إجمالي احتياطات «منظمة الدول المصدرة للبترول» (أوبك)غير أنها تؤكد إن ذلك لن يُنحي منطقة الشرق الأوسط عن مكانتها كأحد أهم رواد قطاع النفط والطاقة باعتبار أنها تمتلك أكبر مخزون احتياطي من النفط في العالم بنسبة 66 بالمائة من إجمالي احتياطات «منظمة الدول المصدرة للبترول» (أوبك)، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي والعلاقات الاقتصادية والثقافية المتينة التي تربطها مع كبرى الأسواق التي في حاجة ماسة للنفط مثل الصين والهند، وتفيد التوقعات بأن الصين ستستهلك وحدها أكثر من نصف الطلب العالمي على النفط خلال السنوات الخمس المقبلة، ووفقاً ل «أورينت بلانيت» المتخصصة في الحلول التسويقية المتكاملة، فإنّ منطقة الشرق الأوسط تولي اهتماماً كبيراً بتوسيع آفاق قطاع الطاقة ليشمل الطاقة البديلة لاسيَّما الشمس والرياح والطاقة النووية. كما أنّ المنطقة لم تقم إلى الآن بتسخير كامل قدراتها الإنتاجية من احتياطات النفط الهائلة، حيث إنها تمتلك القدرة على زيادة الإنتاج النفطي لتلبية الطلب العالمي المتنامي خلافاً لسائر الدول المنتجة الأخرى التي وصلت أو تكاد تصل إلى مستوى الذروة في الإنتاج، وتعد المعطيات الواردة أعلاه أحد العوامل الرئيسة التي من شأنها تعزيز قدرة منطقة الشرق الأوسط على مواصلة الحفاظ على مكانتها الطليعية ضمن قطاع النفط العالمي في ظل التحديات الناشئة على المدى القريب والبعيد، وتشير الدراسة إلى التقرير الحديث الصادر مؤخراً عن «الوكالة الدولية للطاقة» (IEA) الذي أثار جدلاً واسعاً ضمن أسواق النفط العالمية وردود فعل متباينة بين أوساط أبرز الجهات المعنية بهذا القطاع الحيوي، إذ يفيد التقرير بأنّ طفرة إنتاج النفط في أميركا الشمالية ستمثل نقلة جذرية بالنسبة للسوق العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة على غرار ما حدث نتيجة ارتفاع الطلب الصيني في غضون السنوات ال «15» الأخيرة، ومما لا شك في أن هذا التطور يستحق المزيد من الدراسة من قبل دول الشرق الأوسط وغيرها من اللاعبين الرئيسيين ضمن قطاع النفط العالمي بالنظر إلى التحولات المتسارعة على مستوى قوى السوق، وتفيد الدراسة بأن الاعتراف بالتأثير الكبير الناجم عن الطفرة النفطية الأميركية على الاقتصاد العالمي يعتبر خطوة جريئة للغاية، وبالنظر إلى المعطيات الراهنة، نجد أن التأثير سيحصل بلا شك، إلاّ أنّ التعاطي الإعلامي والصحفي مع هذه القضية تسبب في زيادة الجدل الدائر، عبر التركيز بشكل خاص على إمكانية وقف اعتماد سوق النفط الأميركي على الواردات النفطية التي لطالما شكّلت أداة رئيسية لتعزيز النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة، ولم يكن للولايات المتحدة التي تعد المستهلك الأكبر للنفط في العالم، أي إنجازات هامة على مستوى الإنتاج النفطي المحلي، حيث تشير الإحصاءات الصادرة في العام 2010 إلى أن 60 بالمائة من إجمالي الإمدادات النفطية في الولاياتالمتحدة تم استيرادها من دول أخرى، في حين شكلت الواردات من الغاز الطبيعي نسبة 20 بالمائة من الاحتياجات المحلية. وفي سياق آخر، يوضح التقرير الصادر عن «الوكالة الدولية للطاقة» أن العديد من شركات النفط الأميركية قد تمكّنت من تطوير حلول وتقنيات تكنولوجية جديدة تخوّلها إنتاج النفط في مواقع تعذّر الوصول إليها سابقاً، وتعزى طفرة النفط والغاز التي تقودها الولاياتالمتحدة في المقام الأول إلى اكتشاف كميات هائلة من الغاز الصخري ورواسب النفط غير التقليدي في عدة ولايات منها شمال داكوتا ومونتانا، الأمر الذي سيحوّل الولاياتالمتحدة إلى دولة مصدّرة للغاز الطبيعي بحلول العام 2035، مع توقّعات بانخفاض الواردات النفطية إلى الولاياتالمتحدة من 30 إلى 60 بالمائة. وبالنظر إلى المعطيات السابقة، يبرز السؤال حول كيفية تأثير النهضة النفطية في الولاياتالمتحدة على منطقة الشرق الأوسط في ظل تقديرات «الوكالة الدولية للطاقة» و«إدارة معلومات الطاقة الأميركية» (EIA) بأن تتصدّر الولاياتالمتحدة قائمة الدول المنتجة للنفط في العالم بحلول العام 2017، أي بعد أربع سنوات فقط، متفوقة بذلك على كل من السعودية وروسيا، ويتوقع أن يؤثر ذلك على العائدات النفطية في السوق الشرق أوسطية، وقال نضال أبوزكي، مدير عام شركة «أورينت بلانيت» : إنّ التقييم الموضوعي للحالة الراهنة يشير إلى أنّ ارتفاع وتيرة الإنتاج الأميركي لن يضع منطقة الشرق الأوسط جانباً كونها المنطقة الأكثر نفوذاً في تجارة النفط العالمية لاسيَّما أنها لا تزال تنتج الحصة الأكبر من الإمدادات النفطية في العالم، وفي الواقع، تعد المملكة العربية السعودية صمام الأمان في إمداد النفط للعالم نظراً لقدرتها على زيادة الطاقة الإنتاجية بشكل فوري لمعالجة أي نقص أو خلل في سلسلة التوريد العالمية، وتلفت الدراسة إلى أنّ نسبة الصادرات النفطية من الشرق الأوسط إلى الولاياتالمتحدة تبقى أقل مما هو متوقّع، بما نسبته 16 بالمائة فقط من إجمالي الواردات الأميركية، ووفقاً ل «إدارة معلومات الطاقة الأميركية»، وهي الوكالة الرئيسية للإحصاء والتحليلات التابعة لوزارة الطاقة الأميركية، استوردت الولاياتالمتحدة ما يصل إلى 58.2 بالمائة من البترول والنفط الخام في العام 2007، منها 16.1 بالمائة فقط من دول مجلس التعاون الخليجي، في حين استحوذت الدول في الغرب على 49 بالمائة من الواردات النفطية الأميركية، مقابل بالمائة21 للدول الإفريقية، وترأست كندا قائمة الدول المصدّرة للنفط إلى الولاياتالمتحدة في العام نفسه بنسبة 18.2بالمائة، تلتها المكسيك بنسبة 11.4 بالمائة والسعودية في المرتبة الثالثة بنسبة 11 بالمائة، ويتّضح من خلال البيانات الواردة أعلاه أنّ السوق الأميركية لا تشكّل سوى حيزٍ ضئيلٍ من الصادرات النفطية في منطقة الشرق الأوسط التي تحرص على خدمة السوق العالمية وليس سوقاً واحدةً فقط، ونظراً لقاعدة العملاء عالمية المستوى التي تحظى بها المنطقة، فيبدو أن إيجاد أسواق جديدة للتعويض عن تراجع الواردات النفطية الأميركية لن يكون أمراً مستعصياً، وهنا تبرز الدول الآسيوية خصوصا الصين التي يتوقع أن تصبح صاحبة النصيب الأكبر من استهلاك النفط في العالم بدلاً من الولاياتالمتحدة.