حين تريد توجيه التحية لمصر تحار حيرة من يرى القمر لأول مرة.. وأروع ما في هذه الحيرة هو أنك ترتبك في ترتيب الأوليات.. فهل تبدأ بتوجيه التحية للنيل.. وأنت تستمع إلى صوت عبدالوهاب ينثر عليه سوريالية محمود حسن اسماعيل. سمعت في شطك الجميل /ما قالت الريح للنخيل/ تسبح الطير أم تغني/ وتشرح الحب للخميل/ وأغصن تلك أم صبايا / شربن من خمره الأصيل. أم توجه التحية أولا لكوكبة التنويريين: الطهطاوي ومحمد عبده وقاسم أمين وعلي عبدالرازق وطه حسين وأحمد أمين واعطف عليهم ما تستطيع من عد الكواكب؟ أم توجهها أولا لآلاف الشباب الذين تشربوا أدلوجية الواقع لا أدلوجيات الكتب فبذلوا دماءهم ليسقوا بها شجرة تسمى مصر بعد ان شاهدوا الخريف يقضم أوراقها فأعادوا إليها ثانية الأوراق الخضراء؟ أم أوجه التحية أولا الى تلك الفتاة المحجبة التي رأيتها بعيني في ميدان التحرير وهي تحمل لوحة تقول:»اليأس خيانة» أي أنها تربي الأمل في قلوب المتظاهرين. قلت لقلبي لا .. دع كل هذه التحيات في داخلك مهما بلغ جمرها من الحرارة.. ووجه تحيتك أولا للدكتور محمد مرسي لأنه هدم في سنة واحدة بناء ذهنيا ونفسيا استمر بناؤه ثمانين عاما. نحن نعلم جميعا أن هدم البناء المادي أسهل من هدم البناء الفكري والنفسي فقد كان الناس يعتقدون أن مرسي وعشيرته «بتوع ربنا» فنزع جميع الأقنعة واذا به وبهم يتهالكون على المناصب ويعتدون على مستحقيها بالتكفير والخرافة وبالسمع والطاعة. عصرنا هذا عصر علم وعصر بناء مستقبل مضيء لا مكان فيه للظلام.