«المدرعمون» في عالم وسائل التواصل الاجتماعي نوعان: داخلي وخارجي. لكن من هو «المدرعم»؟ هو شخص تجتمع فيه خلطة من الخصائص المنفرة، ومن مكونات الخلطة: اللقافة والتسرع، فمثلاً يأتيك «مدرعم» في وسط النقاش ويدلي برأيه دون علم ببداية النقاش أوكيف يدور، وكأنه يقول: ليس مهماً ما تقولون بل المهم ما سأقول! والدرعمة ليست مرتبطة بعمر معين، فقد تجد مدرعماً في شرخ الشباب وآخر يناطحه وهو في نهايات الكهولة، ومع ذلك تجمع بينهما وما بينهما الدرعمة. وبطبيعة الحال فالمدرعم لا يستطيع إلا أن يدس أنفه دساً ويستلم السالفة عرض، كما يقال بالعامية. مثلاً، أذكر كيف قام شجار ضخم في أحد المقاهي والسبب أن غريباً «درعم» على شلة شباب يناقشون أمراً ودخل معهم في نقاش، فرد احدهم: ليش اللقافة؟ ياخوي إحنا ربع ونسولف، إنت إش دخلك؟ واعتبر المدرعم هذا الرد من الشاب اهانة فثارت ثائرته ليحتدم العراك بالألسن والأيدي والأرجل وانتقل للكراسي والمناضد. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أخذت الدرعمة أنماطا عديدة، يمكن أن يؤلف فيها كتاب أو تعد حولها أطروحة دكتوراة دسمة وحقيقية (بعيداً عن قوائم #هلكوني)، ويمكن اختصارها في نوعين: درعمة داخلية وخارجية. ومن أنماط الدرعمة الداخلية السائدة أن يدخل أحدهم عرضا في وسط نقاش محتدم فيدلي برأيه دون أن يكلف نفسه قراءة ما سبق فيأتي بالعجب، فبعض المدرعمين يصلون لنتائج ويطلقون أحكاماً بسبب ابتسارهم تغريدة من سياق. أما أخطر المدرعمين أصحاب الدرعمة الخارجية؛ فهم يدرعمون صاروخياً، فهم اجمالاً بعيدون عن أجواء وسائل التواصل الاجتماعي ومع ذلك يدرعمون «سماعي» ومن خارج الفضاء السيبرستيني، فمثلاً يدرعم من صحيفة أو من جريدة أو من محطة إذاعية أو تلفزيونية، والخطر في هذا النوع أن المدرعم يكون غير ذي صلة بالسياق فهو لا يتواصل، إذ أن التواصل الاجتماعي عبر الانترنت قائم على نظرية الشبكة المكونة من أشخاص يتواصلون حول أمر ما، والدرعمة هي من أشخاص خارج الشبكة أو خارج سياقها. لكن لما يبذل المدرعمون كل هذا الجهد لفرض وجهات نظرهم حتى لو أنزلوها ببراشوت؟ كما ذكرت في البداية، هي خلطة يدفعها حماس في غير محله، فهناك من يتصور أن من حقه أن يخوض في أي نقاش حتى لو لم يدرك ما يناقش! هؤلاء كقراء العناوين؛ ينقدون ويحللون المقالات من عناوينها دون أن يكلفوا خواطرهم بقراءة المتن. لكننا نكتسب معرفة بعالم الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية كل يوم، وهكذا من الممكن تقديم نصيحة لمن يعيشون خارج الانترنت، ألا يخلطوا الأوراق والقضايا، «فسكان» وسائل التواصل الاجتماعي لهم قضاياهم وطرائقهم، هم ليسوا متفقين وليسوا نسيجا منسجماً فهناك من يصفق لقضية وآخر يسفهها، لكنهم جميعاً يشاركون من خلال وسيلة التواصل الاجتماعي وبذلك يكونون «شبكة»، أما من يقرر أن «يسقط» على تلك الشبكة بالبرشوت فليتحمل التبعات، وكذلك من يرى الغاء وازدراء تلك الشبكة جملة وتفصيلاً. ما العمل لمنع الدرعمة الداخلية والخارجية؟ القضية ليست صعبة: على المدرعمين من داخل وسائل التواصل فهم ما يناقش قبل الإدلاء بدلوهم، أما المدرعمون من الخارج فعليهم أن يعرضوا وجهة نظرهم من خلال وسيلة التواصل وإلا فهم خارج السياق تماماً. تلك قواعد اللعبة، فمادمت ضمن الشبكة تستطيع أن تدلي بدلوك فلكلٍ حق متساوٍ، أما وأنت خارج الشبكة فلا حق لك. وبالقطع ستجد دائماً من يتجاهل تلك القواعد ويصر أن يدرعم، فتكون على نفسها جنت براقش. تويتر: @ihsanbuhulaiga