نبدأ مقالنا بالحمد والشكر أن خصنا المولى عز وجل من بين الأمم بهذا الشهر الفضيل شهر الصيام شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعلى الأمة الاسلامية ونحن بأحسن حال وأن يديم نعمة الأمن على بلادنا وأن يلهم المسلمين من أمرهم رشدا. هذا الشهر العظيم ننتظره شهوراً, إنه موسم الخيرات والبركات ، إنه موسم الأفراح والأعياد لنا كمسلمين ليس في بلدنا هذا بل في مشارق الأرض ومغاربها. شهر رمضان ليس كمثل الشهور الأخرى فالصيام وموائد الإفطار والسحور والصلوات والدعاء وقراءة القرآن تميز هذا الشهر عن غيره من الشهور وتبقى ذكرى هذا الشهر عالقة في الأذهان لاسيما في ذاكرة الأطفال، شريط ذكريات رمضاننا الجميل لا يمكن أن تنسى ، كان رمضاننا حقاً جميلاً قبل ان تغزونا الفضائيات ويصبح رمضاننا رمضان الأفلام والمسلسلات، رمضان الجميل قبل أن نعرف السهر وقبل أن تزدحم شوارعنا ليلاً. يأتي رمضان وأذكر ايام طفولتي قبل أن أبدأ الصيام حيث استيقظ على حركة البيت في وقت السحور والجو شديد البرودة في الدمام و والدي رحمة الله عليه يوقظ اخوتي و يردد « تسحروا فإن في السحور بركة» وكما تعلمون فالزمان دورات فكما كان يأتي رمضان في الصيف فإنه يأتي في الشتاء ونحن اليوم نصوم في رمضاننا هذا الشديد الحرارة، نجد لنا إخوة لا أتذكر في صغري أن الناس تذهب للعمرة في رمضان فلقد كنت أعرف تحركات جميع الأسر في حارتنا فلم يكن أحدٌ يذهب للعمرة بل إني استغربت عندما علمت أن والد أحد زملائي في المدرسة قد ذهب إلى مكة في رمضان حتى إني بدأت أفكر: لماذا يذهب إلى مكة في غير وقت الحج!! مسلمين في استراليا وفي جنوب افريقيا يصومون والجو لديهم شديد البرودة بل في بلدنا نجد من يصوم في البرودة فقد كنت أتحدث البارحة مع قريب في زيارة لمدينة أبها وذكر لي الجو البارد وخص بالبرودة مدينة النماص ولكن كما يقول» للأسف لم تعط مدينة النماص حقها لجذب السياح التي يمكن أن تكون بديلاً مناسباً - لو وجدت اهتماما - للعديد من العوائل السعودية التي هربت من الحر الشديد لتصوم في اوروبا «. لا أتذكر في صغري أن الناس تذهب للعمرة في رمضان فلقد كنت أعرف تحركات جميع الأسر في حارتنا فلم يكن أحدٌ يذهب للعمرة بل إني استغربت عندما علمت أن والد أحد زملائي في المدرسة قد ذهب إلى مكة في رمضان حتى إني بدأت أفكر: لماذا يذهب إلى مكة في غير وقت الحج!!! كبرنا وأدركنا فضل العمرة في رمضان بل وعرفنا السبب لماذا لايذهب الناس للعمرة في رمضان في ذلك الوقت ، فالسفر لم يكن سهلاً وميسراً كما هو عليه الآن فكان الناس لا يسافرون لمكة والمدينة إلا وقت الحج تفاديا لتكرار المشقة فيعتمرون ويحجون في نفس الوقت. ويمر الزمان وأذهب مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء في رحلة لا تنسى إلى العمرة في رمضان، فلقد كان عددنا كبيراً ولم نكن بعد قد تزوجنا وكنت شيخهم و مطوفهم - على تقصير مني - وأتذكر أن والدة أحد أصدقاء الرحلة لم تكن مصدقةً أننا ذاهبون إلى مكة بل كانت تعتقد أننا مسافرون للسياحة في بلد ما!! وعندما تيقنت أن ابنها ذاهب للعمرة بكت من شدة الفرح . الشاهد أن تلك الرحلة كانت مليئة بالطرائف والمواقف التي نُذكر فيها بعضنا البعض إذا تلاقينا بعد أن فرقتنا مشاغل الدنيا. في رمضاننا الجميل كان الجيران يتهادون الإفطار وكانت مهمة توزيع الإفطار من نصيبي وكان الحال واحداً بين الجيران فلقد كنت أُفطر عند جيراننا وأجلس على نفس السفرة مع الأب والأم وسائر أفراد العائلة بل كان والدهم يتوصى بي و يأمر بالمزيد من الطعام لي ، مظاهر اختفت واندثرت فالجار الآن لا يعرف جاره فضلاً أن يتهادوا طعام الإفطار. عندما تدخل العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم كان يذهب والدي وأخي الكبير عليهما رحمة الله إلى مسجد الشيخ عيسى بحي العدامة لصلاة القيام وكان بعيداً نسبياً عن منزلنا وكنت أسألهما لماذا تذهبان بعيداً والمساجد من حولنا؟؟ فكانت اجابتهما أن المساجد القريبة لا تصلي القيام فنضطر إلى الذهاب إلى مسجد الشيخ عيسى. شريط الذكريات لا يتوقف فعندما كنت أُقيم في مدينة نيوكاسل ببريطانيا كنت أنهي عملي في المستشفى في رمضان في الساعة الخامسة مساءً ثم أتوجه إلى المسجد أنا وعائلتي في الثامنة مساءً فنصلي المغرب ونفطر ونصلي العشاء و التراويح ونعود للبيت في الساعة الحادية عشرة ليلاً ، الشاهدُ أني كنت أسكن في حي سكني مغلق وكانت (كنداسة) سيارتي تُصدرُ صوتاً مزعجاً تمكن الجيران من معرفة وقت دخولي وخروجي من الحي وبعد انتهاء شهر رمضان سألني جارنا العجوز على استحياء : هل تستطيع أن تخبرني أين تذهب يوميا أنت وعائلتك كل يوم ؟ فأنتم تغادرون المنزل مساء كل يوم في نفس الوقت وتعودون ليلا في نفس الوقت؟؟. تويتر - @IssamAlkhursany