في هذا الحوار الجميل تسعد جريدة الندوة باستضافة المعلق الرياضي الأستاذ محمد عبدالرحمن رمضان في زاوية ذكريات رمضان نسترجع مع ضيفنا العزيز عبق رمضان في الماضي الجميل وخاصة في مكةالمكرمة ويحثنا عن العادات المكية وكيف كان الناس يستقبلون رمضان في هذا الحوار الممتع مع ضيفنا العزيز.. | في البداية ماذا يعني لك الصيام في هذا الشهر الفضيل؟ || الصيام ركن من أركان الإسلام وهو شهر الرحمة والغفران يتذكر فيه الغني الفقير وكذلك يشعرنا بالجوع والعطش يذكرنا بأحوال الفقراء من الناس والمساكين وهو شهر أنزل فيه القرآن شهر يحس به القوي بالضعيف والغني بالفقير شهر تكثر فيه الصدقات والرحمات. | لو تحدثنا عن أجمل العادات والتقاليد في شهر رمضان والتي أشتهر بها أهل مكة في الماضي وحالياً وماهي أشهر المأكولات الرمضانية لو تحدثنا في هذا الجانب بالتفصيل؟ || في البداية عشت طفولتي في مكةالمكرمة في حارة الباب بالقرب من الحرم المكي الشريف حيث كانت الأسرة تشجع أطفالها الصغار على الصيام وتحفزهم ويحذرون الأطفال الذين يمتنعون عن الصيام بأنه فطر من وراء الزير ويقولون لهم بأن رمضان شافك وسوف يرميك بالحجارة في الماضي كان الناس يصومون والجو حار جداً ولا توجد كهرباء كانت الوالدة والجدة يقومون بتعبئة الشراب المصنوعة من الفخار بالماء حتى يبرد ويقومون بعد ذلك بتعبئة كاسات الشرب بالماء و بتبخيره بالمستكه حتى تعطي نكهة جميلة للماء كل ذلك يتم قبل الإفطار بدقائق لم تكن هناك أي وسيلة للتبريد ولم تنتشر مصانع الثلج في تلك الفترة وكانت الأسر المكية تشترى الفواكه وتجلبها من مدينة الطائف كالرمان والخشاف ويصنعون منه عصير الرمان وكذلك شراب الخشاف والقمر الدين ورغم ارتفاع درجة حرارة الجو كان الناس يداومون على صيام شهر رمضان المبارك وكان الناس يستخدمون المروحة المصنوعة من الخسف للتخفيف من وطأة الحر الشديد وبالرغم من صعوبة الحياة في الماضي وعدم توفر الكهرباء الإ أن أهالي مكة كانوا يقومون برش الشراشف بالماء ويلتحفون بها ويستخدمون المراوح المصنوعة من السعف للترويح وجلب الهواء البارد حتى يستطيعون النوم والخلود للراحة كانت الناس في ذلك الماضي الجميل متماسكين ومتحابين للغاية وقبل موعد الإفطار يحرص الأباء على اصطحاب أبنائهم إلى الحرم لأداء صلاة المغرب والإفطار بحبات من التمر وشربة من ماء زمزم المبارك وبعد أداء صلاة المغرب يحرص الجميع العودة إلى منازلهم ومشاركة أسرهم بالإفطار وكما معروف كان إفطار أهل مكة يتكون من الشربة والسمبوسك وطبق الفول وعند قرب صلاة العشاء يذهب الآباء ومعهم أبناؤهم إلى الحرم لأداء صلاة العشاء والتراويح في جو روحاني جميل وعند الفراغ من صلاة التراويح يرجع الأطفال لكي يلعبوا مع جيرانهم في الحارة لعبة الكبوش وحرامي عسى ويا قيس ياقيس وكذلك اللعب بالمراجيح حتى يحين موعد السحور وعند سماع صوت المدافع من جبل هندي وجبل عمر نعود إلى منازلنا لتناول وجبة السحور ثم نقوم لصلاة الصبح عند وبحكم أني عشت وتربيت في حارة الباب وهي حارة قريبة من الحرم عند سماعنا للصوت المؤذن وهو يصدح بصوته العذب من الحرم المكي ذلك الصوت الذي يبعث في نفوسنا الراحة نذهب لأداء صلاة الصبح في الحرم وبعد العودة من الحرم نأخذ قسط من الراحة لبعض الوقت ثم نستعد للذهاب إلى المدرسة في القشاشية وبالرغم من شدة حرارة الجوفي ذلك الوقت كان الله يلهمنا الصبر وتحمل العطش في ذلك النهار عند ذهابنا إلى المدرسة واني أعجب لجيل هذا اليوم من الشباب حيث يتذمرون ويصيحون عند انقطاع الكهرباء للحظات فسبحان مغير الأحوال وبهذه المناسبة أود أن أشكر الشيخ الفاضل إبراهيم الجفالي رحمه الله والذي أول من أدخل الكهرباء إلى مكةالمكرمة وكانت متوفرة بسعر رمزي بالرغم أنها كانت تصل في الفترة المسائية من قبل صلاة المغرب وحتى صلاة العشاء ثم تنقطع قليلاً كانت الأسر تستغل هذه الفترة البسيطة لتقوم بتبريد الماء وتخزين الطعام وكانوا يقومون بعمل الثلج في الثلاجة حتى نتمكن من شرب الماء وهو بارد وأهالي مكة يتذكرون الرجل الفاضل بكل خير حيث كانت له بصمات كبيرة على أبناء مكة ، | ماهو الفرق بين الصيام أيام زمان وحالياً؟ || الصيام حالياً يعتبر نوعاً من الرفاهية والناس تمارس الصوم كطقس من الطقوس الدينية لأن الناس في نعمة كبيرة هذه الأيام يسهر أغلب الناس على المسلسلات والبرامج والمسابقات الرمضانية وافتقد رمضان روحانيته ، الصيام الحقيقي هو أن يفكر الناس بالفقراء والمساكين وأن يشعروا بجوعهم وعطشهم ويقدمون لهم المساعدة بالمال والطعام كان الناس في الماضي تتقرب إلى الله وكانت قلوب الناس على بعض فالجار يسأل عن جاره ويساعده وكانت قلوبهم نظيفة لا حقد ولا بغضاء بل كانوا متحابين فيما بينهم الغني يعطف على الفقير والقوي يساعد الضعيف رمضان الآن أصبح ظاهرة نحتفل به بالمسلسلات والبرامج الهابطة جيران زمان كانوا مترابطين أما مايحدث الآن الجار لا يسأل عن جاره أما في الماضي الجميل كان الجار يستقبل جاره وكان يخصص يوم لكل حي لاستقبال الحي الأخر وكانوا الجيران على قلب واحد والآن اكتفى الناس في عصر السرعة والاتصالات بإرسال رسالة معايدة بالجوال أو إرسال بطاقات المعايدة فقط كتأدية واجب | موقف رمضاني مازال عالقاً بالذاكرة ومتى كان ذلك؟ || من الذكريات الجميلة أنه في عام 1377ه أدخل نادي الوحدة الفرحة على قلوبنا وحصل على أول بطولة في تاريخ المملكة أمام منافسه العتيد نادي الاتحاد وقد كانت المباراة في نهاية شهر شعبان وقد استطاع فيه الوحداويون أن يكسبوا الاتحاد بأربعة أهداف سجل حسن غازي رحمه الله هدفين وسجل الهدف الثالث اللاعب السوداني جربان والهدف الرابع سجله اللاعب السوداني بشرى وكان أهالي مكة يحتفلون طوال شهر رمضان بهذا الانتصار العظيم لفريق الوحدة والذي تحصل به على كأس الملك المعظم وهو أول ناد يفوز بهذا الكأس الغالية وكان وزير الداخلية في ذلك الوقت صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل والذي رعى المباراة الختامية وهو الراعي الأول للرياضة في تلك الحقبة. | أصدقاء تحرص على مقابلتهم في هذا الشهر الكريم. || في هذا الشهر الفضيل يكون اللقاء والشوق جميلا بلقاء الأرحام والأصدقاء وأهالي الحي من الجيران وكذلك أحرص على الاتصال بأصدقاء من الطفولة وذلك من خلال التلفون وهم كثيرين من شرق المملكة إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها وهم على سبيل المثال الأستاذ عبدالله الجفري والأستاذ محمد سعيد طيب والأستاذ محمد صالح باخطمه والدكتور زكريا لآل والأستاذ خالد الحسينى ومحمد اسماعيل جوهرجي والأستاذ تركي السديري والدكتور هاشم عبده هاشم وحتى من خارج المملكة أحرص على الاتصال بزملائي من الإعلاميين العرب والحمد الله على كل حال فالأصدقاء ثروة لاتقدر بثمن وعندما يجد الإنسان أن كثيراً من الناس يبادلونه الحب بالحب يشعر بالسعادة وهذه ثروة لاتقدر بثمن في رمضان نلتقي في منزل الأستاذ الحساني في بعض الأحيان والآن نجتمع في هذه الأيام المباركة من الليالي الرمضانية بعد صلاة التراويح في منزل الأستاذ خالد الحسيني جزاه الله خير الجزاء حيث نجتمع في منزله بشكل يومي ويحضر لنا بعض الأكلات الرمضانية المشهورة مثل البليلة واللدو واللبنية. | بماذا تنصح الشباب للاستفادة من روحانية هذا الشهر الكريم؟ || نصيحتي للشباب الاستفادة من هذا الشهر الفضيل وأن يتمسكوا بالدين الإسلامي والاستقامة وأن يحافظوا على الإسلام ولا تصلح أي أمة الا باتباع الدين الإسلامي وهو دين صالح لكل زمان ومكان. | ماهي المظاهر والعادات السلبية التي لاتحب رؤيتها في رمضان؟ || من المظاهر المؤسفة والتي أصبحت ظاهرة في شباب اليوم هو تقليدهم لكل ماهو غريب حيث يلبسون البنطال والقبعات والملابس الضيقة وسواقة السيارات بسرعة جنونية والتفحيط وتشغيل مسجل السيارة بصوت مرتفع ويحسبون أن ذلك من التطور والتحضر شباب اليوم مقلد للغرب في كل شي. | شخصية تركت أثراً في حياتك وكان لها الفضل لما وصلت إليه من مكانة اجتماعية؟ || تأثرت بشخصية الوالد كثيراً وبرحابة صدره كان عطوفا رحيماً وكان يعطينا حريتنا في التعبير وكان دائماً يحثنا ويشجعنا على القراءة والاطلاع على الكتب والمجلات وكان يشتري لنا المجلات والكتب من مكتبة الثقافة والتي يملكها الأخوة الأفاضل صالح وأحمد جمال حيث يشتري لنا الجرائد المصرية والمجلات مثل الروز يوسف ومجلة المصور ومجلة آخر ساعة وأخبار اليوم وكانت تصدر اسبوعياً كان يشجعنا على القراءة ويقوم بإعطائنا خمسة قروش اذا قمنا بتلخيص القصة أو الموضوع الذي نقوم بقراءته تشجيعاً لنا كذلك أعطاني حرية اختيار مستقبلي الدراسي وسمح لي بالذهاب إلى الرياض للعمل كان رجل عظيماً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى واني أدين له بالشكر والعرفان وأتمنى أن اقتدي بوالدي رحمه الله في تعاملي مع أبنائي. | رأيك في الأعلام الرياضي في المملكة وبمكة بصفة خاصة؟ || الاعلام بصفة عامة واقعه مرير ومؤسف لان مايحدث من الإعلام الرياضي هو غثاء وكلام غير مجد وأصبح الإعلام الرياضي إعلام أندية وكل يكتب للفريق الذي يميل له ويشجعه وكذلك تسبب الاعلام الرياضي في عمل فجوة بين الأندية فيما بينها والذين يكتبون في المجال الرياضي ليس لهم أي صلة بالوسط الرياضي ،بل هم دخلاء على الوسط الرياضي والذين يعملون في المجال الرياضي حالياً يستفيدون لأنفسهم وهذا لا يمنع من وجود أشخاص يعتبرون منارات في الأعلام الرياضي ولهم بصماتهم أما الاعلام المكي لا يوجد حالياً اعلام مكي يستحق المتابعة بعد رحيل العمالقة من الكتاب مثل الأستاذ صالح جمال والأستاذ أحمد جمال والقاص والأديب محمد عبدالله مليباري والأستاذ عبدالله عريف. | هل من كلمة تود أن تختم به هذا الحوار؟ || أتمنى للإعلام في مكةالمكرمة أن يستعيد وهجه الذي كان ساطعاً أيام زمان الأعلام الذي صدح بصوت بابا طاهر من جبل هندي وأبرز لنا مذيعين متميزين مثل الأستاذ الشريف محمد بن شاهين والأستاذ عباس غزاوي والأستاذ عبدالله راجح وغيرهم من الإعلاميين الذين رحلوا وبرحيلهم فقدت مكة هذا الجيل الذهبي كما أتمنى لمكةالمكرمة كتاب مثل الأستاذ عبدالله عريف الذي كان يكتب همساته عبر الصحف والتي كانت تمس قلوب القراء وتحس بمعاناة المواطنين أتمنى صحافة كصحافة حسن قزاز أتمنى كذلك مفكرين كأمثال الأستاذ أحمد السباعي وفي مجال القصة والأدب مثل الأستاذ محمد عبدالله مليباري من يأتي لي بمثل هؤلاء من العظماء الذين رحلوا وتركوا بصمة للأعلام المكي من يقول لجريدة الندوة استيقظي ياندوة اصحي ياندوة إلى متى أنت نائمة ياندوة فلقد أضعت كل شيء جميل وحلو في حياتنا نحن معشر المكيين نداء من قلب صادق ومحب لمكة أرجو أن تعود (الندوة) كما كانت جريدة عملاقة كما كانت في السابق ويعود لها وهجها هذه أمنيات أتمنى أن تتحقق في قادم الأيام وفي الختام أشكرك وأشكر جريدة الندوة الغالية على نفسي وعلى جميع المكيين على إتاحة الفرصة لي.