يتجول رضوان محمود الزاهد قبل الفجر في شوارع البلدة القديمة في مدينة طرابلس بشمال لبنان ويقرع طبلته وينشد الأذكار والمدائح ليوقظ الناس للسحور خلال شهر رمضان. ويستوقف بعض السكان الزاهد خلال مروره بشوارع طرابلس ليلا ليدفعوا له بعض المال القليل لقاء عمله. لكن رضوان الزاهد لا يعتبر عمل المسحراتي مهنة لكسب الرزق. وقال الزاهد (46 عاما) «هي تراث أكثر ما هي مهنة وشيء من العبادة أنه نحن نسعى لا نأخد الأجر بتوحيد الله سبحانه وتعالى من خلال مدائحنا ونصلي على الحبيب محمد، وبعدين نلتفت على الشيء المادي يلّي هو أنتم بتسمّوه أجر.. نحن نسميه مثل عيدية.. مثل الهدية بمناسبة وداع رمضان وعيد الفطر السعيد». ويرجع تقليد المسحراتي في شهر رمضان في كثير من البلاد العربية إلى عصر الدولة العثمانية. وأضاف الزاهد: «حوالي المائتي سنة.. 200 سنة وأكثر بشْوَي لأنه نحن بالأساس موكلين بها المهنة بفرمان عثماني.. من السلطان العثماني يلّي كان هيديك الأيام حاكم البلد واللي على ها البلد عندنا هون بطرابلس». وكان المسحراتي جزءًا رئيسيا من شهر رمضان في العصور القديمة لكن الحاجة قلّت إليه مع تقدّم التكنولوجيا في العصر الحديث. وقال لبناني من أهالي طرابلس يُدعى خضر: «المسحراتي هو تاريخ. هو تاريخ يعني رمضان بس لا يجي عندنا بخير وعافية أول عناوين رمضان هو الصلاة والعباده. والمسحراتي ومن وقت ما وعينا على هيدي (هذه) الدنيا منعرف نحن المسحراتي». وذكر آخر من السكان أن المسحراتي يؤدي عملا شاقا يستحق التقدير والامتنان. وقال :»المسحراتي هو كل شيء بالنسبة للعالم أجمع حتى للبنان ولأهل الشمال بالذات المسحراتي بيتعتر (يتعب) كل الليل. مع الأسف ما فيه دعم يجي من البلدية أو يأتي من السياسيين». وورث رضوان الزاهد مهنة المسحراتي عن والده. ويصطحب المسحراتي في طرابلس أحيانا في جولاته الليلية شابين يدق أحدهما على طبلة كبيرة ويدق الآخر «صنجان» لإيقاظ النائمين.