تبدو حياة الطفل جمال عبد الناصر، معاناة في معاناة، منذ اليوم الأول لولادته، وحتى بعد أن اقترب عمره من حاجز العامين، هذه المعاناة لم تقتصر عليه فحسب، وإنما شملت والديه، اللذين لم يتذوقا طعم الراحة، وهما ينتقلان بصغيرهما من مستشفى لآخر، ومن مدينة لأخرى، بحثًا عن علاج لأمراضه الكثيرة والمتنوعة، لعل أخطرها الكبد الذي من المتوقع أن يتوقف عن العمل خلال عامين فقط، إذا لم تتم زراعة كبد آخر في أسرع وقت. الطفل جمال يرقدعلى السرير الأبيض في انتظار من ينقذ حياته(اليوم) وتقول الأم: «منذ أن كان عمره شهراً واحداً، بدأت معاناة جمال عبد الناصر، مع الأمراض، ففي الأيام الأولى من حياته، اكتشف الأطباء إصابته بمرض اليرقان في الكبد، وبعد أشهر قليلة، اتضح انه يعاني من مرض رباعي (فالو) في القلب، ومن هنا، بدأت معاناتنا معه، من خلال تنقلاتنا بين المستشفيات التي يقضي فيها جمال، أوقاتاً طويلة في أقسام الكشف السريري تارة، والعناية المركزة تارات أخرى»، مضيفة: «اعتدنا أن ننتقل بالصغير بين مستشفيات القصيم وحفر الباطن والرياض، والتي اتفق جميع الاطباء فيها على حاجة الطفل لمتبرع بالكبد، حتى يتمكن من العيش بشكل طبيعي». وتواصل والدة جمال سرد معاناتها: «حلمت أن يكون طفلي مثل بقية الأطفال، يلعب ويلهو يمرح بكل حرية وبراءة، ولكنني ومنذ ولادته، وأنا أعيش في معاناة حقيقية، إذ عرفت طريق المستشفيات كافة، والمواعيد المتكررة»، مشيرة إلى أن ابنها «يقضي أياما عدة في أقسام العناية المركزة، بين تحاليل وإجراءات طبية قاسية على مدار الساعة، لتهدئة جسمه من الأمراض التي حلت به»، موضحة «طفلي ومنذ ولادته، وهو طريح الفراش، وحياته قائمة على الأدوية الملقاة بجوار الفراش من كل صنف ولون»، مضيفة «عيني ترقب الصغير، وأشعر بأمنياته في أن يصبح ابنًا سليما، يلعب مثل الآخرين، دون معاناة من أي شكل، فأجد نفسي أبكي من أجله، ولا أدري ماذا أفعل كي أنقذه مما هو فيه، فمن الصعب أن تشهد أي أم طفولة ابنها، وهي تتمزق على صخرة الأمراض التي لا تنتهي، وكأنه كهل كبير، هده المرض». وتتابع الأم: «يحدوني الأمل كل يوم أن أرى طفلي يمشي ويلعب ويكبر أمام عيني، ولكن هذه الأمنية مرهونة بوجود متبرع بالكبد، خاصة أن كبد جمال لم تعد قادرة على العمل، وقدر الاطباء انها ستتوقف بشكل كامل خلال فترة لا تتجاوز السنتين، هي ما تبقى من عمر جمال في هذه الحياة، التي لم يرها أبدا»، مضيفة «لن تنتهي معاناة ابني عند هذا الحد، فلو وجد المتبرع بالكبد، سوف تبدأ عمليات القلب المتتالية، التي لا يمكن أن تبدأ إلا بعد اجراء زراعة الكبد، التي يجب ان تتوافر عن طريق أي متبرع».