في مثل هذه الأيام من كل عام، ينشغل الكثيرون في العشر الأواخر من رمضان المبارك، بكيفية شراء مستلزمات الأسر والأفراد ما ينسب إلى أنه من متطلبات العيد سواء أكان ذلك نتاج سلوك فردي استهلاكي تقليدي موروث أو نوع من متابعة موضة التسوّق والإنفاق بشكل فيه نوع من الاستحداث إلى درجة البذخ والإسراف. النتيجة أن الكثيرين من المستهلكين يفيقون إلى أخطائهم الإنفاقية الإسرافية بعد انقضاء فترة إجازة العيد، ويجدون أنفسهم فجأة يعانون من عجز مالي لا يستطيعون التعامل معه بشكل منطقي.وقد يكون سلوك الفرد قبيل عيد الفطر المبارك هو امتداد حقيقي لسلوكه الاستهلاكي، غير أنه من المؤكد أن هناك أسبابا أخرى مهمة ورئيسية، تلقي بالمستهلك في هوة الاستهلاك المنفلت، من أهمها ضعف التخطيط المالي، ومحاولة مواكبة المظاهر الاجتماعية الموروثة، حتى ولو كانت من غير هدى في الإنفاق والموازنة بين الدخل والمنصرف. وبطبيعة الحال تدخل عناصر أخرى في الخط، مثل ممارسة بعض المستهلكين من الجنسين ظاهرة التباهي، بالإضافة إلى الاستجابة لضغوط طلبات الأسرة ولو كانت حول حاجيات استهلاكية ولكنها غير ضرورية فضلا عن استنزافها لحجم كبير من المال، بشكل لا يتماشى مع التوجيه الرباني «ولا تسرفوا» والذي ينهك ميزانية الأسر والأفراد إلى درجة تترتب عليها ديون من العيار الثقيل، وذلك لغياب التخطيط المالي والاستهلاكي الرشيد. والنتيجة أن الكثيرين من المستهلكين يفيقون إلى أخطائهم الإنفاقية الإسرافية بعد انقضاء فترة إجازة العيد، ويجدون أنفسهم فجأة يعانون من عجز مالي لا يستطيعون التعامل معه بشكل منطقي، بسبب محاولة مجاراتهم بعض الذين رزقهم الله أموالا كافية تغطي حاجياتهم الضرورية والكمالية، ولا تؤثر على دخولهم في شئ. وتبقى ثمة حقيقة لابد منها، وهي أنه إذا لم يراع المستهلك أهمية التخطيط لدخله بشكل يوازن بين توفير الاحتياجات الضرورية وفق الإمكانات المالية، وبين عجز دخله عن توفير حاجاته الأساسية، فسيجد نفسه في حاجة للاستغاثة بمن يستدينه سواء مؤسسة مالية أو أصحابه أو أقاربه أو حتى معارفه، ذلك لأنه إذا لم يتوافق الإنفاق مع الدخل، فإن الفرد سيدخل في دوامة الحاجة ثم الديون، وهذا وضع خطير جدا، مع ضرورة الانتباه إلى التفريق بين القادرين على توفير حاجاتهم بدخولهم المتاحة، ومن لا يستطيع ذلك لقلة الدخل. وخلاصة الأمر أن على المستهلك ألا يقدم على استهلاك مسرف وبذخي بدعوى أنه يسعى لتوفير احتياجات العيد في الوقت الذي يعاني فيه من ضيق ذات اليد، كما على ذوي الدخل المحدود الانتباه لأهمية التخطيط المالي للتعامل مع ما لديهم من دخل، محكّما في ذلك عقله لا عواطفه مع ضرورة ممارسة سياسة الإنفاق الذكي الذي يقدم الحاجات الأساسية على الاستهلاكية ويقدم الالتزامات على الرغبات.