لغةً :- من أرجف ومعناه روج اشاعات ونشر أخباراً كاذبة وروج الأراجيف بقصد إيقاع الناس في الاضطراب. وإذا أخذنا هذا التعريف بمظهره، فقد يبدو أن لا هدف للمرجفين سوى إشاعة الاضطراب بين الناس.وبما ان اللغة ليست سوى تعبير متجدد العلاقة مع الواقع المتغير، فإن اللغة بعلاقتها المتفاعلة تتطور بدورها من حيث المعنى وفقاً لظروف الزمان والمكان. هكذا تأخذ الأراجيف دوراً في مسيرة تطور المجتمع مع ميل واضح لتبرير الركود في مسيرته وتبرير كل ما من شأنه ادامة الوضع القائم عبر وسائل عديدة رأس حربتها المرجفون (المتطورون) وفقا لمستوى الوعي السائد في كل مرحلة تاريخية من مراحل تطوره. صحيح ان المرجفين لا يفرطون في المعنى التأسيسي لمعنى أرجف القائم على الكذب والافتراء وتشويش عقول الناس، إلا ان (خطاب )المرجفين المعاصرين الذين تعلموا كغيرهم عبر وسائل الإتصال المعرفي، تطور من الكذب والافتراء المباشر إلى التضليل الممنهج وفقا لواقع الاضطراب حول دروب التقدم وتحديداً حول خيارات الشعوب في طرق الوصول إلى حكم رشيد على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقاً لمعيارية حقوق الإنسان المعترف بها من حيث المبدأ من كل الشعوب والدول. اليوم، يقول أحد المتسامحين إلى وقت قريب مع المرجفين (فلان كان جيدا ونواياه الإصلاحية واضحة، لكنه اليوم مرتبك بل سيئ.) رد عليه صاحبه: فلان هو هو لم يتغير، أنت تغيرت، لاتحزن ياصديقي فمن لا يحزن غير جدير بالحزن. قد تبدو المصالحة عقيمة في ظروف اليوم، لكن ظروف الغد قد لا تكون مثمرة لهؤلاء تمر بعض الشعوب العربية والإسلامية بظروف استثنائية مؤلمة تتسم بفوضى عارمة على كل المستويات لدرجة ان أحد الباحثين العرب ألف كتاباً بعنوان (التسونامي العربي) بدلاً عن الربيع العربي. هذا التسونامي مثل مسرحاً ملائماً للمرجفين على اختلاف دواخلهم وجلودهم. وبما أن لكل مشروع اجتماعي أو سياسي مستويات متدرجة في أداء جنوده، فللارجاف نخبه. نخب المرجفين اليوم، لا تأخذ بالأساليب البدائية لأن المثل القائل بان (حبل الكذب قصير) أصبح اليوم على كل لسان. المرجفون الجدد يعلنون اليوم بمناسبة وبدون مناسبة انهم يستندون إلى مرجعية (ابستمولوجية) اي المنهج المعرفي الذي يتيح لهم الكذب والتضليل والظهور بمظهر المثقف المعاصر. المرجفون الجدد يدعون للسير في طريق التقدم للوصول إلى ما وصلت إليه دول العالم الأول. أي بوضوح الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي المحكومة بشكل تداولي للسلطة. بواسطة أحزاب. يكتب أحدهم مقالا بهذا المعنى يوم السبت. في مقاله الثاني في نفس الأسبوع أو في الأسبوع الذي يليه يكتب عن الحزبية البغيضة وضرورة أخذ ظروف كل بلد بعين الاعتبار وتحديداً في مسألة أولوية التنمية على نمط الحكم السياسي. وبما أن ظروف المحيط الاقليمي تضغط بضرورة (مقال) عن الصراعات الدائرة هنا وهناك، يتولى مرجف آخر معالجة الوضع إعلامياً بحياد مضلل ينتهي بالاصطفاف مع طرف على حساب طرف آخر. وبما أن للوقت بقية، فلا بأس من الاصطفاف مع الطرف الآخر. وفي الأسبوع الذي يليه، يصل المرجفون إلى استنتاج معرفي مفاده أن تلك الأحداث الجسام بما فيها من كل اشكال التدخل من ملايين الناس، وبكل ما تسببه من مآس، ليست سوى مؤامرة جرى الإعداد لها على يد الاستخبارات الامريكية بعناية فائقة في عواصم اوروبية كشفتها بشكل موثق وسائل إعلام مرموقة وتحدثت عنها-الواشنطن بوست- و - التايم- وقامت قنوات عربية مرموقة بتوثيقها. مرجفو اليوم لديهم مهمة واضحة المعالم عبر عنها بشكل عفوي أحدهم بقوله بلغة دارجة (يحوسون عقول الناس). مشكلة هؤلاء المرجفين الأولى انهم اسرى لأوضاع واقعية جوهرها و مظهرها الركود وآفاق التكسب الحقيقية والوهمية. ومشكلتهم الثانية، انهم اصبحوا بفضل وسائل الاتصال الاجتماعي هدفا لسهام (العامة) الذين انتقلوا إلى مراكز التأثير في أوساط النخب التي طالما تسامحت معهم. يقول أحد المتسامحين إلى وقت قريب مع المرجفين (فلان كان جيدا ونواياه الإصلاحية واضحة، لكنه اليوم مرتبك بل سيئ.) رد عليه صاحبه: فلان هو هو لم يتغير، أنت تغيرت، لاتحزن ياصديقي فمن لا يحزن غير جدير بالحزن. قد تبدو المصالحة عقيمة في ظروف اليوم، لكن ظروف الغد قد لا تكون مثمرة لهؤلاء.