لم يعرف الكثير من حضور الأمسية الرمضانية التي أقيمت مساء الاثنين المنصرم بنادي الشرقية الأدبي أنّ المحاضر الذي يلقي واقفاً ويتحدّث عن الإحساس بالمعاقين هو شخص كفيف البصر لأن جميع حركاته بدت لهم طبيعية وفي غاية الإتقان. ومما زاد من دهشة الحضور أن الناشط والمختص في شؤون الإعاقة عبدالرزاق التركي برهن في محاضرته «المجتمع السعيد» على سعة اطلاعه وتمكنه من الموضوع وشدّت كاريزماه وحضوره القوي والمرح للمزيد من التفاعل والحوار معه. وافتتح الأمسية الكاتب عبدالله الشبل بنبذة مختصرة عن المحاضر حيث ذكر أنه من مواليد 1361ه، وهو حاصل على الماجستير مرتين في التربية الخاصة وفي الشؤون العالمية من جامعات أمريكية. وذكر الشبل ان التركي له احد عشر بحثاً وكتاباً منشوراً، وهو عضو في لجنة التعليم الخاص بإدارة التعليم في الشرقية وعضو اللجنة الاستشارية الوطنية لحماية حقوق المعاقين وعضو لجنة التسويق والانبعاث في لندن. وابتدأ التركي محاضرته متحدثا عن مفهوم الحياة السعيدة وهي الحياة التي يسودها الانسجام وعدم التفريق بين انسان وآخر بسبب دينه أو لونه أو أصله. ملفتا إلى الحروب التي يمر بها العالم الإسلامي بالرغم من تأكيد الدين على المساواة وعدم التفريق بين الناس على أساس اللون والعرق. وربط التركي بين المساواة الدينية بين الأعراق والألوان وبين النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع نحو المعاقين واليتامى ومجهولي الأبوين، وقال إن اليتم ليس عيبا وإلا لما كان خاتم الرسل يتيماً، كما أنّ الإعاقة ليست عيبا يجب إخفاؤه، كما أن مجهولي الأبوين ليس لهم ذنب فيما ارتكبه اباؤهم. وشدد التركي على أن المعاق يمكن ان يقوم بأي عمل ضاربا على ذلك أمثلة مما شاهده في أميركا وبريطانيا حيث تلزم الشركات والمؤسسات الحكومية على توظيف المعاقين بنسبة 5% مع إلزامهم بتوفير الأجهزة الخاصة بعمل المعاقين، بخلاف الوضع في المملكة حيث يعامل المعاق كبطالة مقنعة ما يزيد من إعاقته بسبب عدم إنتاجه. وقال ان المعاق يستطيع القيام بأي عمل إذا منح الثقة والتدريب المناسب. كما تحدث عن بعض السلوكيات التي يجب تغييرها في المجتمع والتي تكشف عن نظرة انتقاص وشفقة مبالغ فيها. وختم التركي ورقته تاليا آيات من القرآن الكريم تحكي موقف النبي (صلى الله عليه وسلم) من الصحابي الأعمى عبدالله بن أم مكتوم مبيناً أنّ النبي فرش له رداءه وقال: أهلاً بأخي الذي لامني فيه ربي، وأكّد أن في هذا الموقف تأسيسا لثقافة التعامل السليم مع المعاق. وأكّد: المجتمع يصبح مجتمعا سعيدا إذا اهتم بالمعاقين واليتامى ومجهولي الأبوين، وعاملهم كجزء من المجتمع فإن بإمكانه تقبل الآخر المختلف، وسيصل حينها إلى أن يصبح مجتمعاً سعيداً. ثم فتح الشبل الباب للنقاش والمداخلات حيث تحدّث رئيس النادي خليل الفزيع عن النظرة الخاطئة للمعاق والتي تصل إلى درجة إخفاء الإعاقة من الوالدين وعدم الاعتراف بوجودها. وتساءل الدكتور مبارك الخالدي عن السبب الذي يدفع إلى اختيار اسم «ذوي الاحتياجات الخاصة» للمعاقين مبيناً أنه لا يجب أن يتم تسمية الأمور بأسمائها وعدم التورية في ذلك إذا أردنا الاعتراف بوجود المشكلة أولا من أجل إيجاد الحل، ووافق المحاضر الخالدي في كلامه وقال ان الصحافة العربية تمارس الدور نفسه حيث تتحدث عن قاهر الإعاقة ومتخط لها، في حين تتعامل الصحف الغربية بواقعية لتكشف داخل المعاق وهذا أفضل. وختمت الأمسية بتقديم رئيس النادي خليل الفزيع درع النادي للمحاضر الضيفِ.