شدد البيان الختامي لمجموعة العشرين في ختام اجتماعاتها في موسكو على الالتزام الجماعي بأسعار صرف مرنة، وتعهدت بالحذر عند أي تغيير للسياسة لتفادي انحراف التعافي الاقتصادي عن مساره بسبب التذبذب في الأسواق العالمية. ووضع اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في موسكو أمس اللمسات النهائية على البيان الختامي الذي أشاد بالمساندة التي لقيها النمو العالمي بفضل إجراءات التحفيز النقدي التي اتخذتها بعض البنوك المركزية. وقال البيان «إننا نؤكد التزاماتنا بالمضي قدما بخطى أسرع نحو العمل بنظم لأسعار الصرف، تحددها عوامل السوق بدرجة أكبر ومرونة أسعار الصرف لتعكس العوامل الأساسية وتفادي الاختلالات المتواصلة لأسعار الصرف». وقالت الصياغة المعدلة لبيان مجموعة العشرين، إننا سنمتنع عن خفض قيمة العملات لكسب ميزة تنافسية، ولن نستهدف أسعار صرفنا بإجراءات تحقق أغراضا تنافسية. وأقرت الفقرات المعدلة للبيان بالمساندة التي لقيها الاقتصاد العالمي من سياسات التحفيز النقدي، لكنه استدرك بقوله إننا ما زلنا ندرك المخاطر والآثار السلبية الجانبية غير المقصودة لفترات ممتدة من التيسير النقدي. وهيمنت على المناقشات دلائل على تقليص مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) برنامجه للتحفيز النقدي، وتضررت الاقتصادات الناشئة الأكثر قلقاً، جراء هبوط أسعار الأسهم والسندات، والإقبال على شراء الدولار. وقالت روسيا الدولة المضيفة لاجتماع مجموعة العشرين إن واضعي السياسات أرجأوا أهداف خفض الدين الحكومي، من أجل التركيز على النمو، وإنهاء برامج التحفيز التي أطلقتها بنوك مركزية بأقل قدر ممكن من الاضطراب في أسواق المال. وقال تشيدامبارام بالانيابان وزير المالية الهندي: «لم نر تعافيا للنمو في أوروبا بعد واليابان وأن أفضل سيناريو حالياً أن تعزز الدول المتقدمة النمو، وينبغي أن تضع في الاعتبار تأثير تحركاتها على الاقتصادات النامية الكبرى». وركزت الدول الغنية والناشئة في مجموعة العشرين على دراسة وسائل التحرك ضد الشركات المتعددة الجنسيات التي تتهرب من تسديد الضرائب، في حين حضتها الولاياتالمتحدة على القيام بأكثر من ذلك من أجل العمل. واجتمع وزراء مالية وحكام المصارف المركزية في الدول العشرين الكبرى مدة يومين في العاصمة الروسية، بهدف التحضير لقمة رؤساء الدول بداية سبتمبر المقبل، في سان بطرسبورج، ورفعت اليهم منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تقريراً بمثابة خطة عمل لمكافحة التهرب من تسديد الضريبة وتحويل الأرباح، وجاءت ضمن 15 إجراءً. ويتعلق الأمر بشكل ملموس بوضع حد للآليات التي تسمح للشركات المتعددة الجنسيات، وخصوصا تلك الناشطة في القطاع الرقمي من الاستفادة من اتفاقيات ضريبية بين الدول لدفع القليل من الرسوم في نهاية المطاف وحتى لاستثنائها من الدفع. ورأى بيار موسكوفيسي وزير المالية الفرنسي، أن بعض كبرى الشركات تتوصل إلى معدلات ضريبية من 3% أو 4%، معتبراً أن هذه الأوضاع يستحيل تفسيرها للمواطنين، و لا تحتمل بالنسبة إلى الشركات التي تسدد رسومها. وفي الأشهر الأخيرة، وجدت جوجل وامازون وستارباكس نفسها أمام أصابع الاتهام. ولهذا السبب، تقترح منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على دول مجموعة العشرين، إرغام الشركات على تقديم مزيد من المعلومات حول التوزيع الجغرافي لعائداتها، وتعزيز تبادل المعلومات بين الدول، ومراقبة أفضل لاستخدام الفروع في الخارج في الاستراتيجيات الضريبية. والهدف يكمن في مصادقة مجمل دول مجموعة العشرين على هذه الخطة التي قدمتها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا، ويتوقع تطبيق هذه الإجراءات في السنتين المقبلتين. وقال انطون سيلوانوف وزير المالية الروسي، إن تطبيق هذه التدابير في بلد واحد أو مجموعة دول لن يعطي نتيجة. وأثناء اجتماعهم الأخير في أبريل الماضي، ركز وزراء المالية بحثهم على تبادل المعلومات والسرية المصرفية. وقال انخيل غوريا الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إن المسألة وقتها كانت تتعلق بالعمل على احترام القانون، لكنها مع هذه الخطة الجديدة تتعلق بتغيير قواعد تسمح بتسديد القليل أو عدم تسديد أي رسوم. وتتوقع الدول الكبرى من جهة أخرى دراسة وضع الاقتصاد العالمي وخصوصا السياسات المالية والدول الغنية. وقبل افتتاح أعمال الاجتماع أرادت الولاياتالمتحدة التي تود أن يكون شركاؤها التجاريون في وضع اقتصادي جيد، أن يتركز البحث على موضوع البطالة. وأكد وزراء العمل في مجموعة العشرين، أن إيجاد وظائف يشكل أولوية وقدموا سلسلة من التدابير لتحفيزها، معترفين في الوقت نفسه بانه لا يوجد حل وحيد لهذا الموضوع. واعلن وزراء العمل في الدول الغنية والناشئة في بيان مشترك، أن إيجاد عدد كبير من الوظائف، وذات نوعية افضل يعتبر أولوية دائمة بالنسبة لكل دول مجموعة العشرين. وكتب جاكوب لو وزير الخزانة الأميركي في مقال في صحيفة فايننشال تايمز، أن الأولوية يجب ان تكون عودة الناس إلى العمل. ويستهدف جاكوب خصوصا منطقة اليورو الغارقة في الانكماش، وطلب منها إعادة ضبط سياسات التقشف. وقد تصطدم هذه الدعوة بمعارضة ألمانيا، التي لا تزال تشدد على خفض قيمة الديون العامة، وتأمل في تبني أهداف جديدة، كما كانت عليه الحال اثناء قمة تورونتو في 2010. وتعهدت الدول الغنية آنذاك بتطبيق خطط مالية لخفض العجز في الموازنات بحدود النصف على الاقل حوالى العام 2013 وتثبيت أو خفض معدلات الدين العام حوالى العام 2016. لكن رسالة الولاياتالمتحدة موجهة أيضا إلى الصين، طالبة منها اتخاذ اجراءات لدعم الاستهلاك لدى طبقة متوسطة متنامية، بينما يشهد ثاني اقتصاد في العالم تراجع نموه الاقتصادي. وأكد وزراء مالية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، أن النمو والتوظيف يشكلان أولوية المجموعة على المدى القصير، أمام انتعاش اقتصادي ضعيف ومتفاوت. وجاء في البيان الختامي للاجتماع في موسكو، أن الانضباط المالي من أجل خفض العجز في الموازنات يجب أن يكون ذا صدقية وعلى المدى المتوسط. وأضاف أن الاقتصاد العالمي ما زال هشاً والانتعاش ضعيفاً ومتفاوتاً، ولهذا اتفق الوزراء على أن تكون أولوياتهم على المدى القصير، هو تحفيز التوظيف والنمو. وشدد وزراء مالية البلدان الثرية والناشئة المجتمعين في موسكو على أنهم يدعمون خطة عمل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ضد الاستراتيجيات الضريبية التي تستخدمها الشركات المتعددة الجنسيات للتهرب من الضرائب. واكتفى الوزراء بالتعبير عن رغبتهم في توفير نقاط مرحلية منتظمة حول تطوير اقتراحات وتوصيات، لتطبيق النقاط الخمس عشرة الواردة في الخطة. وأضاف البيان الختامي أن الوزراء وافقوا على إجراء تغييرات في السياسات النقدية تكون مضبوطة بعناية ومعلنة بوضوح. وأثار الخروج التدريجي المكثف من برنامج شراء أصول الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، اضطراباً في الأسواق المالية في بعض البلدان الناشئة، مثل: روسيا أو البرازيل اللتين شددتا على أن تتطرق مجموعة العشرين لهذه المشكلة.