في فترة ولت ولن تعود, كانت المعاملات التجارية تتم بركازتين لابد منهما. أولاهما مخافة الله وثانيهما كلمة شرف بين رجال كسبوا الثقة والسمعة الطيبة بما أوفوا به بين الناس. تغير الوقت وكبر السوق وتعددت المعاملات وأصبحت كلمة الرجال غائبة في وجود من هب ودب. فكان لا بد من عقود قانونية وتوثيق وهذا وضع طبيعي لتجنب أي إشكالية محتملة. إحدى هذه الاشكاليات التي تواجهها الشركات في العموم لدينا هو التحصيل. ما نحتاجه هنا هو نظام مدقق ولائحة ائتمانية معتمدة فيما يخص المنشآت المنتظمة والأخرى المتعثرة في السداد واستيفاء ما عليها من حقوق في الإدارات المالية للشركات هناك جملة تردد دائما ألا وهي أن المنشأة لا تعد رابحة حتى يكون الربح في صورة نقد! أي أن الارباح المسجلة دفتريا لا تعد فعليا كربح ما دام خطر عدم التحصيل قائما لأي سبب. لكي نستوعب الموضوع أكثر. يجب أن نعلم أن الشركات لدينا في حالة فتح حساب ائتماني لعميل جديد فهي تعتمد على اجتهادات داخلية بحتة. منها طلب القائمة المالية مدققة ومعتمدة, صورة السجل التجاري وأسماء وعناوين بعض العملاء ممن يمكن استخدامهم كمرجع للتأكد من وضع العميل (الشركة/ المؤسسة) في السداد. الأسواق الأخرى حلت هذه المسألة عبر إنشاء قاعدة بيانات عامة تتولاها بعض الشركات التي تجمع وتجدد المعلومات الخاصة بمنشآت السوق. ومن ثم تقوم بإعطائها تقييما معتمدا فيما يمكن أن يعد كتصنيف ائتماني. ومنها تستطيع الشركات الأخرى التي تريد أن تقيم أي تعامل تجاري مع المنشأة بالحصول على هذه المعلومات عبر تقديم مبلغ أو اشتراك رمزي لكنه يوفر كثيرا عند تحصيل ما لهم من حقوق. للأسف لا يوجد لدينا أي نظام معتمد كهذا سوى ما اتبعته (سمة) للشركات وهو تطبيق جيد لكن لم يفعل بشكل كامل حيث انه يفتقر للشمولية. ما نحتاجه هنا هو نظام مدقق ولائحة ائتمانية معتمدة فيما يخص المنشآت المنتظمة والأخرى المتعثرة في السداد واستيفاء ما عليها من حقوق. هذا الشيء إن وجد فسوف يوفر مجالا أرقى من التعاملات المالية حيث ان العاملين في مجال التحصيل يعلمون بأن الحلول الودية لدى التحصيل تستنفد سريعا ولا يتبقى إلا الشكاوى والقانون. وهم يعلمون تمام العلم بأن التوجه للقضاء لاستيفاء ما لهم لدى العملاء المتعثرين أو الممتنعين عن السداد هو حل صعب. لأكثر من سبب أهمها أن القضايا لدينا تأخذ وقتا لا يعلمه إلا الله فيكون ما تكبد من خسائر في سبيل تحصيل مبلغ ما لا يساوي ما بذل له من جهد ووقت. Twitter @fozanii