قصصت قصصاً كثيرة، وحكيت حكايات وأساطير عجيبة، كل ذلك من باب منهج تربوي أرى أنه سيخلق شخصية سوية لدى طلاب العلم، ويجعل لحياتهم معنى، ولمستقبلهم طريقاً من نوع خاص، لا أعرفه، ولم أتصوره، ولكنه يؤثر ويفعل فعل السحر في الشخصية، إنها القصة، وربما أفصح لي بعضهم بجمال القصة حينها، لكنني فوجئت بأحدهم بعد سنوات. هاتفني مرحباً مهللاً ومشتاقاً! عفواً. من حضرتك؟ أنا أحمد؟ أحمد من؟ لا يهم، ولكنك أنت من غير مجرى حياتي. ضحكت، وقلت: هل هذا لغز؟ أجاب: ليس لغزاً ولا نكتة، وربما أنت لا تعرفني حتى اللحظة، لأن اللقاء الذي كان بيننا لم يتجاوز ساعة من الزمان قبل عدة سنوات. وحتى لا أحيرك دعني أقص عليك حكايتي التي هي حكايتك. تفضل. قبل سنوات دخلت أنت علينا نحن طلاب المرحلة الثانوية، ودخولك لنا كان لمجرد حصة انتظار غاب عنها الأستاذ، كنا فرحين لغياب الأستاذ ولكن الفرحة تلاشت بدخولك. نحن لا نريد أستاذاً يفقدنا جمال هذه اللحظة من الزمن، لدرجة أن الفصل كله لم يعرك انتباهاً. إذا كنت أدهشتك بسردي في يوم من الأيام، فأنت تدهشني بسردك لانجازك الجميل. لكنني عاتب عليك! وإذا أردتني أن أكون راضياً فلابد أن تتحداني وتصبح أفضل مني لا أن تكون نسخة مني. ومادمت وصلت لهذه الدرجة من النجاح في حياتك فأنت قادر على أن تتجاوزني. تجاوز أستاذك يا أحمد لكنني بكل صراحة هبتك ورأيت في شكلك ومنظرك أدباً وذوقاً لم أره في أساتذة آخرين، والذي جذبني إليك أكثر أنك قلت لنا: هل أقص عليكم قصةً؟ في البداية سخرنا منك، وقلنا بأن هذا يظننا أطفالا حتى يقص علينا قصةً. أجبنا بالقبول وشيئاً فشيئاً بدأ الفصل بالهدوء التام لهذا السرد القصصي، والحوادث الغريبة، وكانت قصتك مشوقةً جداً جداً، والله العظيم يا أستاذ أن تلك الحصة التي كانت ترزح على رؤسنا كالجبال، صارت كهبوب الريح الطيبة. ضحكت وقلت: أنت تبالغ يا أحمد. قال أنا أحلف بالله ولست مبالغاً. لكن يا أستاذ ليست النهاية مع نهاية القصة، ولكن النهاية كانت بداية لحياتي أنا! بداية حياتك؟ نعم بداية حياتي، أنت طبعاً، لقد قصصت لنا القصة ومضيت، ولكنها بقيت في داخلي، وقلبت كياني لدرجة أني صرت أفكر، وأتأمل من أنا؟ لماذا أنا (صايع) عفواً لهذا التعبير بالفعل كنت متمرداً على كل شيء، لكن تلك القصة بأسلوبك الجميل جعلتنى أفكر، وأرسم خطواتي في الحياة، وتحديتك حتى أنت! جميل. استمر. نعم تحديتك لأني أريد أن أصير مثلك. وأنا الآن أنهيت مرحلة البكالوريوس ولله الحمد والفضل لله ثم لك ولقصتك أيها الأستاذ. عزيزي أحمد: جميل أن أسمع منك هذا الشعور، وهذه الإيجابية الرائعة، وإذا كنت أدهشتك بسردي في يوم من الأيام، فأنت تدهشني بسردك لانجازك الجميل. لكنني عاتب عليك! وإذا أردتني أن أكون راضياً فلابد أن تتحداني وتصبح أفضل مني لا أن تكون نسخة مني. ومادمت وصلت لهذه الدرجة من النجاح في حياتك فأنت قادر على أن تتجاوزني. تجاوز أستاذك يا أحمد، ولك من الله التوفيق والسداد. تويتر : @saldhamer