أولا: العرف هو الدين : رغم ان الظروف التي أحاطت ببطلة رواية «الباب الطارف» لعبير العلي وكونها يتيمة أم بسبب أثر الأعراف بإقصاء والدتها من قبل جدتها، إلا ان الجدة هي التي سيطرت على المشاعر في كامل النص وفرضت محبتها، والأم غير المعروفة أثناء نمو البطلة خسرتها تماما رغم محاولة تخلصها من الأعراف أو تمردها، إلا انها تنمو بشكل جزئي معها وتحاكم الآخرين بناء على الانسجام معها من عدمه، فالبنت التي تمردت على علاقة الصدق مع جدتها لصالح الحب تقبلت انها بعيدة عن الأم. ثانيا: استطاعت ان تتفهم حزن عمها من عدم ارتباطه بمن أحبها، لأنها تخالف الأعراف أيضا. ثالثا: لم تستطع ان تتقبل الزوجة العقوبة، التي حاولت ان تلحقها بنفسها، لأنه يقدم دينا مختلفا، ويحاول ان يكون وصيا، ولم يثر بها ذلك أي أسئلة جدية، لان العرف الذي تلقته من جدتها وممارسات جدها تخالف ما تقدمه النسخة الدينية المتمثلة في محمد وصديقه، العقوبة المنزلة على شكل زواج، بل يعتبر حديث الجدة عن الدين هو الأصل الممثل للدين الحقيقي أو نسخة الدين من ناحية العرف، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع النسخة الدينية المقدمة من قبل الطرفين، إلا ان البطلة في النهاية تنحاز دائما الى ما يقدمه العرف. 2- الحكم على شخصية الآخر : تجاهل شخصية الذات مثلا تقدم البطلة حكما على سبب التدين المتطرف والعلاقة السيئة التي يعامل بها الآخرين لدى قريبها وتبرره بالعلقة الساخنة التي تلقاها وتحوله المباشر بعده، ولعلها تعني ان شعوره بالنقص والاهانة وانه مسلوب القوة والارادة ولد لديه حالة كراهية، وأحب ان يعوض هذا الشعر بالنقص بالتجبر، وفرض سلطته على من يستطيع، وبالتالي حول نفسه الى رجل يمتلك السلطة على الآخرين، ويمارس وصايته ولو بتبديل الملابس والهيئة العامة. تحكم على سبب ثرثرة قريبتها وزيادته بسبب احتكاكها بالثرثارات، وعن بنات عمها بالبيئة المحيطة، إلا انها وان كانت تتساءل أحيانا عما تشعر به من حب لسعد ام تبرر سبب أي تصرف يجعلها صاحبة الباب الطارف وسيدة أحداثه، بل حتى عقاب ذاتها. 3- لغة التواصل .. نقطة انقلاب : رغم ان الحبيبين كانا يحرصان على بذل كل ما يمكن بذله ويتجاوزان كل الحدود والأعراف ويجازفان كي يتم هذا التواصل حتى على المستوى الشخصي، إلا ان نقطة الانقلاب كانت بانعدام التواصل، وعدم الحرص على معرفة السبب الحقيقي بصورة مباشرة ومن طرفي الحب معا. كان مخالفا لسيرة الحب مثلا أن يُقدم سعد على خطبتها دون ان يشعرها بخطاب أو رسالة، وإن كان ذلك قد يبرر بكون (سعد) حاول ان يسعدها بخطبته اياها ولا يفسد عنصر المفاجأة، لكن حتى هذا التبرير المحتمل يثير بعض الأسئلة. في الختام : لغة الرواية ساحرة وآسرة، والأحداث متهربة، لا يمكن ملاحقتها حتى النهاية، فربما (من وجهة نظر خاصة) الكاتبة كانت تحاول انهاء الرواية، وكانت تستطيع ان تمتد معها أكثر، ووصف مشاعر الانتظار والرسائل غير المهربة، إلا أنني لا أحب أن أسهم فيما لو كان بالإمكان تقديمه، فما تم تقديمه له أثر المسك.