سؤال يطرح نفسه: هل ما يُقدّم اليوم من شعر في الأمسيات والمحافل الخاصة يوفي بمتطلبات العصر؟ أتمنى أن يحاول كل شاعر أن يسأل نفسه هذا السؤال، ويحاول الإجابة عنه من خلال ما يُقدّمه في أمسياته او مشاركاته في الاحتفالات الخاصة، واقصد شعراء الامسيات سواء امسيات رسمية او امسيات الاعراس والاحتفالات التي تضج بها هذه الايام صالات الافراح وتروّجها بكل جرأة قنوات الشعر مع تحفظي على هذا المسمى، وان كانت إجابته لا فليحاول معرفة السبب.. - ما هو السبب الذي يجعل الشاعر يجنح إلى الإسهاب في مدح النفس، وتمجيد القبيلة بشكل غير منطقي وغير مناسب لهذا العصر، فلماذا لا تمدح قبيلتك بمكتسباتها في هذا العصر، لماذا نركّز على الماضي وننسى الحاضر؟ أليس في قبيلتك رجال يحملون أعلى شهادات العلم ويشغلون أعلى المناصب والرتب ورجال دين يُشار لهم بالبنان، لماذا أهمل هؤلاء؟ لا أعلم السبب الحقيقي لكن هذا واقع نلمسه ونشاهده يوميًا، عند نقاشي مع بعض الشعراء حول هذا الموضوع وجدت أن السبب هو طلب الجمهور أن يقدم الشاعر ما يُثير الجمهور وليس ما يمثله كشاعر. وهذا شيء واضح والدليل ان الشعر الآن يقدّم بطريقة عرض واحدة، فتجد قصيدة وطنية او قصيدة مدح تحتاج إلى صوت جهوري وحضور قوي وحركاتٍ بالأيدي، وتغيّرات عنيفة بتقاسيم الوجه وصياح احيانًا يجعل البعض يضع أصابعه في أذنيه من حدة ذلك الصوت. نقول: قد يتطلب هذا النوع من الشعر بعضًا من ذلك. لكن لماذا تؤدى القصيدة الوجدانية بنفس الطريقة، وكذلك الاجتماعية، هل إلقاء قصيدة وجدانية يحتاج إلى صراخ؟ البعض يقول إن الجمهور يريد ذلك! إذًا هل العلة في المتلقي؟ حقيقة مما أرى بدأت اقتنع بأن 90٪ من الجمهور لا يسأل عن جودة القصيدة، بل يريد إلقاء مختلف وعبارات قد لا تليق بسمو الشعر. منذ عشر سنوات تقريبًا لم أرَ شاعرًا برز إعلاميًا بروزًا قويًا إلا كان يتمتع بمواهب تمثيلية مسرحية بغض النظر عن جودة شعره. منذ عشر سنوات تقريبًا لم أرَ شاعرًا برز إعلاميًا بروزًا قويًا إلا كان يتمتع بمواهب تمثيلية مسرحية بغض النظر عن جودة شعره.. ولكي لا أكون مجحفًا فإن ما يقارب 95٪ كذلك. إذن اليوم.. الشاعر يقف بين أمرين: إما أن تكتب شعرًا حقيقيًا يرضيك ويرضي أصحاب الأذواق السليمة، ويوفي بمتطلبات عصرك، وهنا ستبقى في الظل، وسيبقى شعرك حبيس أدراجك.. أو تندفع مع التيار وقد تصل إن كانت لديك مؤهّلات الوصول المذكورة أعلاه وهنا لن تكتب شعرًا. ما زلنا ننتظر الصحوة الشعرية، والآن ننتظر صحوة الذائقة، وما زلنا ننتظر قدوم شعراء مختلفين عن نهج شعراء اليوم، قادرين على النهوض بالكلمة ورفع مستوى الذائقة والتصحيح - هل سيتحقق هذا الحلم؟!! أبيات من قصيدة لي: اللي غزا بالصوت واللي جاك بأسلوبٍ خليع واللي نهب منا ومنا والأمانة خانها احد يقول انا وكيل العرف والشعر البديع وأنا الفرايد لاشتهيت اقنص واجيب سمانها واحدٍ يصيح ويعتزي ويحدّر بطون التليع غدتبه اوهام الظهور وراح في كرعانها يده مثل ذيل عشرًا مشوال والمنطق وضيع يمرض كبود الناس ويعكر مزاج أذهانها وشعرٍ بلا مضمون كومة ثلج لو تكبر تميع تنقال واسرع من قرايتها يجي نسيانها