أشعر بالسعادة كلما فتحت موقع الخدمات البنكية لأحد حساباتي وأجد أول عبارة تستقبلني «ليس عليك مخالفات مرورية!» ويخالجني شعور بالزهو والانتصار وكأنني هاربة للتو من أعين ساهر بسرعة تتجاوز الحد المسموح وغض الطرف عني! أشعر بالغبطة كلما تمكنت من كشف النقاب عن صنم صغير يعشش في ذهنية كاتب / كاتبة يدّعي التصالح مع الآخر ونبذ العنصرية والتطرف شعلة لم يطفئها التسامح ولم تساعده الجعجعة في إخفائها، فأنجح دون أن يكون مقصدي كشفهم في أن أفضحهم أمام ذواتهم رغم الإنكار حتى النهاية! أشعر بالغبطة وأنا أمشي في أحد الشوارع منهكة من العمل وملاحقة بقية الالتزامات والطلبات، ومناوشة الحر وقلة الحيلة... ثم فجأة تظهر سيارة ليموزين ليست «قدّ المقام» من حيث لا أعلم ولا احتسب لكنها تنقذ الموقف العصيب! أشعر بالحسد.. عفواً أقصد بالغبطة لراحة البال التي يتمتع بها وزير الصحة وعدم مبالاة العلاقات العامة بالوزارة بالرد على أي هرج ومرج.. خاصة بعد قضية مواليد الختان، وراما التي تلقت العلاج الكيماوي بدلاً من رامي! أشعر بالغبطة وأنا أشهد قصة موظفة بشركة مرموقة تدفع شهرياً أقساطاً تلتهم ثلاثة أرباع الراتب، بما فيها قسط سيارة تقف أمام المنزل كالعروس التي فاتها القطار وتنتظر عريس الغفلة، وهو هنا السائق الذي هججته مدة تنظيم أوضاع العمالة الوافدة فقرّر هجرها وهجر عروسته! فأصيبت على إثر ذلك بقرحة في المعدة واختلال في الميزانية! أشعر بالغبطة عندما اقرأ استهجاناً على تويتر أو هنا وهناك عن انشغال السعوديين بالشأن المصري الداخلي! إذ يعني أن بيننا من لا يزال يظن أنه قطعة من كوكب آخر! وأنه لا يدري أن مصر وأن الشعوب لا تتجزأ مهما اختلفت ألوان جوازات السفر! أشعر بالغبطة لحالة صديقتي التي لا تزال تبحث عن مخرج من مأساة أولادها مع أبيهم العاطل عن العمل، إذ أن ذلك يعني أن هناك من لا يزال يقرّ أن الأولاد في حالات الطلاق يجب أن ينسبوا لوالد تخلى عنهم وليس لأمٍ ولدتهم وتعاقر الديون من أجل تعليمهم! أشعر بالغبطة كلما شاهدت إحدى زميلاتي تفتح موقع وزارة الإسكان باحثة عن أحدث التطورات على مشروع «أرض وقرض» وبدء استقبال طلبات الباحثين عن سكن، فتجد أن الموقع يكفخ وجهها على الصباح ويقول «لم يتم فتح باب التقديم على طلبات الدعم السكني حالياً، وعندما يفتح باب التقديم سيتمكن المواطنون من التقديم بطريقة إلكترونية، وسيتم الإعلان بشكل موسع عن كيفية التقديم والآلية حال الانتهاء من مشروع آلية الاستحقاق» وهي تهمس كل يوم (معروفة آلية الاستحقاق يا جماعة! إلا إذا كانت هناك نيّة لإغلاق الطلبات قبل الإعلان عن الآلية!). أشعر بالسعادة من أجل صديقتي الأخرى التي رفعت خطاباً لجهة عملها الخاصة تطالبهم بأحقيتها في الحصول على تأمين صحي من أجل الولادة، فرُفض الطلب واضطرت لطلب قرض بنكي لتلد في احد المستشفيات الخاصة، تقول تذكرت فيلم عادل إمام «كراكون في الشارع» حيث شعرت بتخليهم عني! أشعر بالحسد.. عفواً أقصد بالغبطة لراحة البال التي يتمتع بها وزير الصحة وعدم مبالاة العلاقات العامة بالوزارة بالرد على أي هرج ومرج.. خاصة بعد قضية مواليد الختان، وراما التي تلقت العلاج الكيماوي بدلاً من رامي! ألا يكفيكم كل هذه الأسباب للابتهاج؟! كل مشاعر الغبطة أعلاه تلاشت وقُطعت حبالها بعد سماعي لقصة مريم التي سأوافيكم بها في مقالة الأسبوع المقبل بإذن الله.. تويتر: @Rehabzaid