بدا لبنان خلال أسبوع واحد في طريقه الى اشتعال حرب أهلية شاملة على أسس طائفية بعد كمين لأفراد من الجيش أعقبته حرب عسكرية شاملة من قطاعات في الجيش ومفارز مشتركة من حزب إيران لأحياء من مدينة صيدا انتهت باقتحام مسجد بلال ومقتل وجرح العشرات من أهالي الحي ليس مع مقاتلين في محيط المسجد فقط بل وفي حواجز تفتيش في المدينة أقامتها ألوية الجيش المتواجدة في صيدا ، وكانت النزعة الطائفية ضد صيدا بارزة في أطراف مارونية وكامل الكتلة الشيعية السياسية رغم تأييد قوى 14 آذار وقيادات كبرى في تيار المستقبل وتقديمه لغطاء سياسي لاقتحام صيدا ، وهو التيار الذي لطالما ذكّر بمظلمة بيروت الكبيرة في اجتياح حزب إيران لها في آيار 2008، والتي لم يتعرض خلالها الحزب لأي مطاردة أو متابعة أو توقيف خلال اجتياحه الأحياء السنية وقطع المطار واعتقال شباب على أساس طائفي وإحراق تلفزيون المستقبل والتقدم لقصر قريطم حيث كان الحريري هناك قبل أن تتوقف مفارز الحزب إثر الوساطة القطرية . وذات الحزب أخضع كامل الدولة لنفوذ إيران وكانت ولا تزال مفارزه العسكرية تعبر أمام أعين الجيش اللبناني ولا يتجرأ أي عسكري فيه عن التلويح لها ، وذات الحزب تعاون مع مفارز من الجيش اللبناني في محاصرة عرسال السنية وقتل أفرادا مدنيين منها وعوائل سورية مهاجرة لأنها مثلت نقطة عبور للاجئين أو لتهريب بعض الاحتياجات الإنسانية ، وذات الحزب أعلن رسميا أن قتله لأفراد من السنة في عرسال وغيرها ضمن الواجب القتالي الذي يؤديه في سوريا دعما للنظام ولسلطة ولي الفقيه المطلقة في المنطقة ، كل ذلك وغيره بما فيه تجميد الحياة السياسية والمؤسسات التشريعية والزحف على المواقع الأمنية طائفيا ، لم يتعرض لطلقة ولا لمذكرة توقيف ولا لخطاب أو تلميح من وزارة الداخلية اللبنانية في حين حوصرت صيدا وقصفت أحياء تحت الإصرار على الحصول على رأس الشيخ الأسير ومقاتليه مهما كلف الأمر . وابتداءً في توصيف حادثة الكمين نبيّن أنها خطيئة كبرى سواء أستدرج لها مقاتلو الشيخ الأسير أو كانت كمينا اعده طرف ثالث ، وفي كل الأحوال الكمين وقع ضمن تصعيد محموم على أي قوة ممكن أن تبرز في الساحة اللبنانية قد تشكل قاعدة توازن لسنة لبنان حيث هم الطائفة الوحيدة التي لا تملك أي قدرة دفاع عسكري في حين كانوا تاريخيا قاعدة الهوية والدولة وانتمائها العربي ، وهذه عقيدة ايدلوجية قديمة لدى ملوك الطوائف في لبنان فحين برزت حركة المرابطين وهي تنظيم قومي ناصري وليس إسلاميا في مناطق السنة تمت تصفيته سريعا وهذا الغياب لأي قوة ردع سنية في ظل وجود هياكل عسكرية كاملة للشيعة الإيرانيين أو فصائل مارونية أخرى وخاصة الجنرال عون مجهزة لحماية مناطقها ، يجعل فرص تكرار مذابح في أحياء ومدن سنية او احياء اللاجئين الفلسطينيين متاحا , خاصة بعد أن تحولت هذه القوى الايرانية الى اعلان حرب شاملة لأي قوة تشكل أي ردع ضد مشروع سوريا الإيرانية الكبرى بعد توجهات طهران المركزية في مواجهة الثورة السورية ، ونعني بهذه العبارة أن تعاون الجيش والمفارز العسكرية لحزب ايران ضد سنة صيدا لم يبدأ ولم ينطلق من مدار كمين يونيو حزيران المنصرم لكنه سابق لذلك وضمن استراتيجية بين الألوية التابعة للجنرال عون والألوية والقيادات التابعة للإيرانيين في الجيش اللبناني ، وتهيئة خطيرة لتصفية الجيش من أي توازن وطني ليُسخّر كُليا للمشروع الايراني والتحالف معه لدى الجنرال عون ينطلق من أرضية نظرية تحالف الأقليات التي سوّق لها التيار الوطني الحر في الغرب والتي عبر من خلالها الإسرائيليون لاجتياح بيروت قديما ، واليوم يهيئ لاجتياح ايراني شامل لمصلحة طهران وتل ابيب معا ، ألم يكن مقتل وسام الحسن مطلبا لكليهما ؟ في الجملة أظهرت التصريحات المؤيدة بالمطلق لاجتياح صيدا دون أي تحفظ مما تعتبر شخصيات دولة لبنانية حجم الانحياز الكلي لمشروع تصفية أي قوة ممانعة لسنة لبنان وفتحه كليا أمام الزحف الإيراني لمحاصرة الثورة السورية وللإطباق على ما تبقى من لبنان العربي ، وهذا ما جعل قيادات التحالف الطائفي في الجيش خاصة بعد التورط المؤسف للراعي الماروني في التحريض على صيدا أن ترفض أي اتفاق سياسي قُدم لها بضمانات وأن تصدر مذكرات توقيف ويتم دخول الجيش لاعتقال المطلوبين دون شن هذه الحرب لأن الحرب ببساطة كانت هدفا استراتيجيا للتحالف الطائفي ، وما أظهرته التيوبات الموثقة الذي عرض لبعضها نديم قطيش في برنامجه الشهير D N A لتلفزيون المستقبل من مشاركات لمقاتلي حزب ايران في اقتحام صيدا أو تيوبات تظهر الانتماء الطائفي المتشدد لضباط وافراد الجيش في الاقتحام هو مجرد تأكيد المؤكد لهذا الواقع الخطير . ولذلك فإن عدم القبض على الشيخ أحمد الأسير شكّل دائرة قلق للمشروع وانه لم يستكمل هدفه ، وهو ما يعني ان امكانية عودة الشيخ أحمد الأسير الى صيدا ولبنان بعد أي تطور تُحدثه الثورة السورية على الأرض فيرتد هجوم حزب ايران على الشعب السوري الى دفاع عن معاقله أمرٌ وارد تخشى منه هذه القوى ، والحقيقة أن رمزية الشيخ الأسير كقائد طرح في حراكه المدني قبل أي توجه مسلح له مفهوم الشراكة والتكافؤ وان لا سلاح الا سلاح الدولة أو ان يحق للسنة الدفاع عن ارواحهم ومناطقهم ، لم يعد مرتبطا بشخصه فقط بل أضحى مبدأ يترسخ لدى العمق السني المرتبط بهوية الأمة مع سوريا أو الوطن العربي ، وعليه فإن مبدأ الأسير سيعود بشخصه أو بغيره في الحاضرة السنية كون أن الدرس بالغ التأثير عليهم أمام دولة وقطاعات جيش تحول الى قاعدة دعم لمشروع طائفي مهمته اجتثاث عروبة لبنان عبر سنته لا الشراكة في صناعة استقراره ووحدته وتثبيت هويته.