أخذت قضية تدريس مادة التربية البدنية للبنات في مدارس التعليم العام أبعاداً تربوية واجتماعية عديدة، بل إنها أصبحت منذ حين الموضوع الرئيس الذي تتناوله المجالس والصالونات والمواقع الإلكترونية والمنتديات. وقد شاركت مؤخراً في بعض الحوارات التي تناولت هذا الموضوع، واستمعت إلى وجهات نظر فريقين أحدهما مؤيد والآخر ممانع، وكان لكل طرف الحجج التي يرى أنها تدعم قناعاتهم واراءهم وهي متعددة الجوانب ومتشعبة، ومن الآراء التي تضمنتها حجج المؤيدين: لماذا لا يسمح للمرأة أن تمارس الرياضة في لباس محتشم، بينما يرى الفريق الآخر في هذا الجانب أن الألبسة الرياضية التي يشيع استخدامها حالياً لا تضمن احتشام المرأة، ويرى المؤيدون أنه يمكن للمرأة أن تمارس الرياضة دون المس بخصوصيتها وذلك في ملاعب مخصصة للنساء لا يمكن لأحد أن يراها أثناء ذلك، بينما يرى أصحاب الرأي إن الجلوس على طاولة واحدة تجمع الجهات الدينية والتربوية والصحية والرياضية إضافةً لمشاركة الطرف النسائي فيها، سيترتب عليه -بعون الله- قرار مدروس يضمن التركيز على الايجابيات من جهة وتجاوز السلبيات المتوقعة من جهة أخرى. الآخر أن المطالبة بالسماح لها بممارسة الرياضة بلباس محتشم وخصوصية كما يدعي الطرف المؤيد ما هي إلاّ مقدمة وتدرج تنتقل بعدها هذه الممارسات إلى ما يسيء لخصوصية المرأة واحتشامها، ويتذرع فريق المؤيدين أيضاً بما توصلت إليه بعض الدراسات من انتشار البدانة بين 60% من الفتيات في بلادنا وما يترتب على هذه البدانة من أمراض وغيرها، ويرى الجانب الآخر أن هناك أنواعا من الرياضة مثل رياضة المشي تحقق نفس النتائج وتضمن احتشام المرأة وخصوصيتها، ويعززون رأيهم ببعض الفتاوى التي اعتبرت ممارسة الفتيات للرياضة في المدارس ضمن مشاريع التغريب.. وما بين هذا وذاك تبقى التساؤلات: ما الأثر المتوقع على المجتمع لو تم إقرار مادة التربية البدنية للبنات في مدارس التعليم العام؟؟.. وماذا يحصل لو لم يتم ذلك؟؟. نعلم تماماً أن الموضوع في غاية الأهمية لأنه يلامس احتياجات ورغبات واهتمامات قطاع كبير وهام من نسيجنا الاجتماعي، الأمر الذي ينبغي معه إمعان النظر في أي قرار يصدر في هذا الشأن، لما قد يترتب من ردود فعل تنعكس آثارها إيجابا وسلباً على المجتمع بمختلف شرائحه وأطيافه، لذلك لا بدّ لنا جميعاً متخصصين ومسؤولين وأصحاب رأي وتربويين وغيرهم، عندما نتناول قضية من قضايا المجتمع المطروحة سواء هذه القضية أو غيرها؛ أن نتحلى بالهدوء في الطرح وتجنب الاندفاع في إصدار أحكام مسبقة همها تسفيه الآراء المخالفة واتهام أصحابها بشتى التهم لدرجة تصل إلى استخدام (الفيتو) ضد هذا القرار. وإذا كانت أكثر القرارات صواباً ونجاحاً هي التي تشارك فيها كافة الأطراف المستفيدة منها، فإن الحوار هو الطريق الأمثل للوصول إلى القرار السليم في موضوع إقرار مادة التربية البدنية للبنات في مدارس التعليم العام، وعلى كل حال فإن الجلوس على طاولة واحدة تجمع الجهات الدينية والتربوية والصحية والرياضية إضافةً لمشاركة الطرف النسائي فيها، سيترتب عليه -بعون الله- قرار مدروس يضمن التركيز على الايجابيات من جهة وتجاوز السلبيات المتوقعة من جهة أخرى. والله نسأل أن يلهم الجميع الصواب والسداد، ويحفظ تماسك مجتمعنا وأمنه، ويبعدنا من كل ما يدعو للفرقة والخلاف. إنه سميع مجيب. تويتر: @fahad_otaish