حين امْتَلَأَتْ ( هاجرُ ) بالعرفانِ وفَضَّتْ أسرارَ الصحراءْ قَدَّ النبعُ قميصَ الرملِ وفاض الشوقُ على هيئةِ ماءْ الآنَ يذوبُ العاشقُ في المعشوقِ.. فيا ( إبراهيمُ ) اذبحْ ابنَكَ.. يا ( إبراهيمُ ) اذبحْ فتنةَ قلبِكَ بالأبناءْ! من أجلِ بلوغِ المعنى حتَّى تَتَفَجِّرَ في ذاتيَ لهفةُ تلك (الياءْ)! يتوهَّج داخليَ الحبُّ ويولدُ في قلبيَ ما ليسَ يُعَدُّ من الأضواءْ أينَ أكحِّل ميعادَ الوجدِ برؤياكَ؟ تعاليتَ بأنْ تُحْبَسَ في القُبَّةِ أو في الجُبَّةِ أو بين زنازين الأسماءْ! في (حضرةِ) نجواكَ تموتُ حروفُ (النفي) بحنجرتي.. تنتحرُ (اللاءاتُ).. لا بدَّ وأنْ نهبطَ واديَ محنتِنا ونُضَحِّيَ للحبِّ بأغلى الأشياءْ يا ربُّ.. أَقِلْنِي من عثراتِ العقل الواهنِ.. عَلِّمْ روحيَ كيف تُجَدِّدُ غابتَها أشجاراً وهواءْ يا ربُّ.. أنا لستُ أداجيكَ فلم يبرحْ ( آدمُ ) يرتكبُ الطينَ، وما زالتْ ترتكبُ التُّفَّاحَةَ (حوَّاءْ ) كيف ألاقيكَ على جبلٍ من موسيقا! ثَمَّةَ مَنْ جَرَّفَ كلَّ حقولِ القَصَبِ الممتدَّةِ في الروحِ ولم يبقَ نسيمٌ تَتَفَتَّحُ فيهِ ثقوبُ النَّايِ أزاهيرَ غِناءْ! في الروحِ خرابٌ أكبرُ من كلِّ بِناءْ إنَّ سمائي ناقصةٌ وحمامةُ قلبي ترفعُ منقارَ الوجدِ لتلتقطَ الأسرارَ فأَلْهِمْني كيف أُشَيِّدُ من أسرار القلبِ سماءْ! ها أنتَ تغيبُ ولا يتبقَّى منكَ سوى أنتَ تُشِعُّ على البُعد كشُعْلَةِ ثلجٍ بيضاءْ أدنو منك وأدنو حتَّى يتلاشى البُعدُ وينطفئَ الثلجُ.. وما ثَمَّةَ للهفةِ ميناءْ أشعلتُ دواليبَ العمرِ على سُكَكِ الشوقِ.. ولاتَ لقاءْ !! خُذْني ظمآنَ إلى ينبوعِ البدءِ وأَوْرِدْني من حيث صَدَرْتُ فما زالتْ فوق شفاهيَ نكهةُ رشفتيَ الأولى طازجةً عذراءْ يا ربِّي لا تتركْ في العتمةِ قلبي.. لا تتركْ (يوسفَ) في أعماقِ الجُبِّ.. فهذا العالمُ جُبٌّ ينضحُ بالوحشةِ والظلماءْ ها إنِّيَ أحملُ أسراريَ صاخبةً مثل زغاريدَ على شفةٍ خرساءْ غيبوبةُ وجدٍ في الروحِ تُحَرِّرُني منِّي فأجيءُ تُؤَجِّجُني باللهفةِ (ياءُ) ندائكَ يااااااربِّي حتَّى تَتَفَجِّرَ في ذاتيَ لهفةُ تلك (الياءْ)! يتوهَّج داخليَ الحبُّ ويولدُ في قلبيَ ما ليسَ يُعَدُّ من الأضواءْ أينَ أكحِّل ميعادَ الوجدِ برؤياكَ؟ تعاليتَ بأنْ تُحْبَسَ في القُبَّةِ أو في الجُبَّةِ أو بين زنازين الأسماءْ! في (حضرةِ) نجواكَ تموتُ حروفُ (النفي) بحنجرتي.. تنتحرُ (اللاءاتُ).. وأفترشُ الأشواقَ على عتباتِ (الحضرةِ) طفلاً شحَّاذا يتلمَّس أنْ تُطْعِمَهُ قطعةَ جدوى من هذا العالمِ.. فأنا لم أبرحْ أرضعُ من أثداءِ اللاجدوى جدلاً ومراءْ!!