اشعل محتجون نيرانا واشتبكوا مع الشرطة في مناطق بمدينتي اسطنبولوأنقرة التركيتين أمس الأحد، لكن الشوارع كانت أهدأ بشكل عام بعد يومين من أعنف مظاهرات ضد الحكومة في تركيا منذ سنوات، وأشعل مئات المحتجين نيرانا في منطقة تونالي في العاصمة أنقرة، في حين أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع ومسحوق الفلفل لصد مجموعات من الشبان من رماة الأحجار قرب مكتب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في اسطنبول، وكان ميدان تقسيم الواقع بوسط اسطنبول - حيث تركزت الاحتجاجات - أهدأ بعد سحب شرطة مكافحة الشغب شاحناتها المدرعة في ساعة متأخرة من مساء السبت، وأشعل متظاهرون النار في الهواء الطلق بين سيارات مقلوبة وزجاج مهشم وحجارة ووقعت عمليات كر وفر في الشوارع الجانبية بينهم وبين شرطة مكافحة الشغب التي كانت تطلق وابلا من الغازات المسيلة للدموع بين الحين والآخر، واثارت هذه الاضطرابات احتجاجات ضد خطط الحكومة لاعادة بناء ثكنة عثمانية قديمة لتضم متاجر أو شققا سكنية في تقسيم في اسطنبول الذي يعد مكانا للاحتجاجات السياسية منذ فترة طويلة، لكن الاحتجاجات اتسعت لتتحول الى تحد أوسع لأردوغان وحزبه العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية، وقال وزير الداخلية التركي معمر جولر السبت: تم اعتقال 939 شخصا في أكثر من 90 مظاهرة مختلفة في أرجاء تركيا، وقال مسعفون: إن أكثر من الف شخص أصيبوا في اسطنبول. كما أصيب عدة مئات آخرين في أنقرة، وصدمت ضراوة رد الشرطة الاتراك بالاضافة الى السائحين الذين فوجئوا بالاضطرابات في واحدة من أكثر المناطق التي يزورها سائحون في العالم، وقوبل ذلك بانتقاد من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وجماعات حقوقية دولية، وأطلقت طائرات هليكوبتر عبوات الغاز المسيل للدموع في أحياء سكنية واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع في محاولة لاجبار محتجين على الخروج من مبان، وأظهرت صورة على يوتيوب شاحنة شرطة مدرعة تصدم محتجا لدى اقتحامها حاجزا، وشهدت تركيا تحولا منذ تولي أردوغان السلطة قبل عشر سنوات، حيث قام بتحويل اقتصادها من اقتصاد يعاني أزمات إلى أسرع الاقتصاديات نموا في أوروبا، ولا يزال أردوغان هو السياسي الأكثر شعبية في البلاد إلى حد كبير، إلا أن معارضيه يشيرون إلى ما يصفونه بتسلطه وتدخله كمحافظ من الناحية الدينية في الحياة الشخصية للناس في الجمهورية العلمانية، ويتهمه البعض بأنه يتصرف كأحد سلاطين العصر الحديث، وأدى تشديد القيود على بيع الخمور وتحذيرات من إظهار مشاعر الحب علانية في الأسابيع الأخيرة الى اثارة احتجاجات، واندلعت احتجاجات سلمية أيضا بسبب مخاوف من أن تؤدي سياسة الحكومة إلى أن يجر الغرب تركيا إلى الصراع في سوريا، ودعا أردوغان الى وقف الاحتجاجات فورا وقال: إن حكومته ستحقق في ادعاءات استخدم الشرطة القوة المفرطة، لكنه ظل على تحديه، وقال: تم استغلال اعادة تطوير الحديقة في تقسيم كحجة للاضطرابات وحذر حزب المعارضة الرئيس وهو حزب الشعب الجمهوري من تأجيج التوترات، ورغم تركيز أردوغان على حزب الشعب الجمهوري، إلا ان الاحتجاجات ضمت اناسا من أطياف مختلفة معارضين لأردوغان ولم ينظمها حزب سياسي واحد على ما يبدو، وبعد انسحاب الشرطة من ميدان تقسيم قام أنصار حزب منبر السلام والديمقراطية التركي المؤيد للأكراد بأداء رقصة كردية على سبيل الاحتفال على بعد ياردات فقط من قوميين كانوا يلوحون بالعلم التركي، وهتفوا جميعا معا «كتف بكتف ضد الفاشية»، وانضمت لهذا الهتاف مجموعة من مشجعي كرة القدم من أندية اسطنبول التي يوجد بينها تنافس شرس وهي فناربخشة وبشيكطاش وغلطة سراي، وأعرب المحتجون عن غضبهم من التغطية المحدودة للمظاهرات من قبل محطات التلفزيون التركية مع أنحاء كثيرين باللائمة في ذلك على الترهيب الحكومي، وسجن عشرات من الصحفيين في عهد أردوغان، وكتب على سيارة بث تلفزيوني تركت في ميدان تقسيم : «وسائل إعلام عميلة للحكومة للبيع».