دفعت الدول الغنية مليارات الدولارات في مشاريع إنمائية في أفريقيا، لكن الأزمة العالمية والنمو في القارة دفعا بها إلى وقف مساعداتها، وخفضت الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية خلال العام الماضي مساعداتها لأفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 10بالمائة، وهي أعلى نسبة في غضون ستة عشر عاماً، حتى أن إسبانيا خفضت موازنتها إلى النصف، وقد تم إرسال حوالي 26 مليار دولار أيضاً إلى الجنوب، لكن الرسالة واضحة وهي أن المساعدة للتنمية لم تعد تلقى الاستحسان، وتحتفل القارة السمراء هذه الأيام بمرور 50 عاماً على الوحدة الأفريقية وسط تحديات تواجه دولها بشأن تمويل مشاريعها التنموية، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق اقتصاد أفريقيا جنوب الصحراء نمواً بنسبة 5٫4 بالمائة خلال العام الحالي، جمدت الدول المانحة أخيراً مساعدات تعادل 11 بالمائة من موازنة رواندا، ونجحت هذه الدولة في جمع 3٫5 مليار دولار عبر إصدار سندات، وأكدت بريطانيا هذا الميل عندما أعلنت وقف مساعدتها المباشرة لجنوب أفريقياوهو ما يدعو الغرب إلى الأمل، واعتبر بول كولييه مدير مركز جامعة أوكسفورد لدراسة الاقتصاديات الأفريقية أن الفئة القديمة من الدول النامية لم يعد لها أي معنى الآن، مضيفاً إن الدول الناشئة ليست بحاجة إلى المساعدة، وعندما جمدت الدول المانحة أخيراً مساعدات تعادل 11بالمائة من موازنة رواندا، نجحت هذه الدولة في جمع 3٫5 مليار دولار عبر إصدار سندات، وأكدت بريطانيا هذا الميل عندما أعلنت وقف مساعدتها المباشرة لجنوب أفريقيا، وهو قرار لم يتخذ مع ذلك دون الإعراب عن شكوك عميقة حيال فعالية المساعدة وأهمية المبالغ التي قد يتم اختلاسها، ولفت المعلقون من جهة أخرى وبسخرية إلى أن خفض المساعدة البريطانية يتناول نحو 22 مليون دولار من الأموال العامة التي أنفقها رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما لتحسين الوضع الأمني لمقر إقامته الخاص في القرية التي ولد فيها، وتساءلت ويني بيانييما المديرة العامة لمنظمة أوكسفام الخيرية : «لماذا تريدون التواجد في الأمكنة التي ينتشر فيها فساد؟». وتكمن رسالة لندن خصوصاً في أن أكبر قوة اقتصادية في أفريقيا غنية، إلى حد يمكنها من الاستغناء عن المساعدة، وقالت جوستين غرينينغ الوزيرة البريطانية لشؤون التنمية الدولية: بات بامكان جنوب أفريقيا الآن أن تمول تنميتها الذاتية، مضيفة إن الدولتين ستبدآن علاقة جديدة قائمة على تقاسم الكفاءات والخبرات لا على تمويل التنمية، وأسهمت أموال الدول الغنية على سبيل المثال في عمليات تحسين ملحوظة في قطاع الصحة، مثل خفض نسبة وفيات الأمهات والأطفال عند الولادة إلى النصف في أفريقيا، كما قالت بيانييما، وتلفت عدة منظمات غير حكومية يتم تمويلها في غالب الأحيان من قبل الحكومات الغربية إلى وجوب تحديد الأهداف بدقة أكبر، وقالت ويني بيانييما في هذا الصدد : «يجب إرسال المساعدة إلى المكان الذي ستكون فيه مجدية»، ويتجه اهتمام المنظمات غير الحكومية منذ حوالى بضع سنوات إلى تنمية الكفاءات وتمويل منظمات محلية تحظى بدعم السكان، حتى أن منظمة أوكسفام تشجع الدول الأكثر فقراً على تخطيط طريقتها الخاصة للخروج من حاجتها إلى المساعدة، بواسطة استخدام مواردها الذاتية، وقالت مديرة أوكسفام: إن الميل يكمن أيضا في أن على الدول النامية أن توجه الاستثمارات الخاصة والاستثمارات المباشرة الأجنبية إلى عملية التنمية، ويوافق بول كولييه على هذا الأمر، لكنه لا يمتنع عن توجيه انتقاد قائلاً: إن مقاربات جديدة ضرورية وأن أفضل ما نعرفه هو تقديم المساعدة للدول التي لم تعد ضرورية بالنسبة إليها، وأضاف إن الدول الهشة والاقتصاديات الصغيرة المنعزلة، ستبقى بحاجة لتمويل عام طيلة عقود تحت طائلة التعرض لمآس إنسانية.