بدأ حديثه يستنكر ويشجب (وإن وكأن ومنا) إلى ان علا صوته، وتزاحمت أحرفه حتى اختلطت ومزجت، وكأن صوته صوت الفشار، والفشار هنا على محملين: المحمل الأول: الناتج من الغرور، فيظن ما لا يُظن.. يصدق جميع ما تقوله نفسه له، وأن كانت على خطأ أو ظالمة للغير، والمحمل الثاني: الناتج عن الطعم اللذيذ لتلك الوجبة الخفيفة المسلية. طق..طق..طق طق..طقطق..كانت هذه التطقطقات لاحد الشخصيات المعنونة ذاتها على جدار الفيس بوك بأنها مستشار إعلامي، والحقيقة أنه مستشار فيما لا يستشار! كان الفشار.. عفواً ..كان المستشار يحلل فيما لا يُحلل، فصب جم غضبه على واضع مقطع يوتيوب فيه عرض محاضرة دينية أو بالأحرى قصة حياتية متعلقة بتجربة المحاضر، فأراد المستشار ان يفرغ ما بداخله من أحقاد على واضع المقطع وعلى المحاضر معاً، فشن هجومه بقوله: "مثل هؤلاء النماذج السيئة والتي لا تقرأ ولا تثقف ذاتها إلا من خلال سماع حديث عبر شريط أو محاضرة"، ولكثرة الترسبات السلبية نسي أنه لم يقيم ويحكم إلا بعد ان استمع للمقطع، أليس يعد من هؤلاء النماذج السيئة؟!، والسؤال الحائر. كيف استطاع ان يحكم على شخصية، وهولا يعرفها بتاتاً، بقوله: أنها لا تقرأ؟ هل اصدر حكمه لمجرد أنها وضعت مقطع يوتيوب؟!، ولم يكتفي بذلك بل تابع غيه، واستمر في إصدار احكامه الجائرة من خلال أدلة صورتها له جمجمته المتحللة!!، والتي كانت محاولة بائسة لتحقير وتجريح وفتح سجلات طويت لشخصية تائبة.. يا أبن آدم يا أيها الضعيف إلى أين سيصل بك هذا الغرور الذي اعماءك عن كل شيءٍ باستثناء نفسك المتراقصة لك، والعجب بالذات جعلك لا تفرق بين القاضي والقاص والحكواتي، فما قام به هذا المحاضر هو سرد قصص، وذكر أمثلة شخصية، والأخير ينطبق على الشخصية الشعورية.. لذلك حين تجده يتحدث عن تجاربه ليس من باب المجاهرة بالمعصية، بل من باب تكوين هذه الشخصية. والغريب أن تجد بعض الأشخاص تتكلم عن الجهل وعن العلم، فلا تجد في قوله ما يفيد غير كلمات يرددها: "فلان كان وكان.. وفيه ما فيه" على أساس ان هذا الفلان ذو تاريخ أسود، وأنه مازال يقبع في الظلمات.. وهذا دليل على ان شخصية هذا المستشار جاهلة لا تعرف من مسمى الثقافة غير الصراع والهجوم على الغير.. هل قرأ جزءاً من القران.. الحديث.. التاريخ؟ ..لا..لا دعونا من القراءة.. هل سمع؟ ولكن كيف يسمع، وهو في مطلع أحرفه اتهام صريح لكل من يسمع شريط أو محاضرة بأنه نموذج سيء لا يقرأ ولا يتثقف. كيف يكون مستشار إعلامي وهو لا يعترف بمستجدات العصر، ولا الإعلام الجديد، وأظنه لا يعرف معنى إذاعة، ولا كيف نشأة متشبث بحديث عقيم مضمونه هو: "المثقف الوحيد"، وأعتقد حتى الثقافة لا يعرف خصائصها. مثل هذا المستشار أخشى ان يسبب نكسة ثقافية، وجفاف عاطفي بين تخصص الصحافة والإعلام، وطلابه، وبينه وبين متخصصيه.. نصيحتي له: اتق الله، ودع الإعلام وشأنه، ولا تحقر احداً، فسوف يأتي الدور عليك، وتصبح محتقر. 1