«تويتر» حديث الساعة وكل ساعة، شاغل الناس حكاماً ومحكومين.. رؤساء ومرؤوسين.. عراة ومكسيين.. أغنياء وفقراء. هناك من يسعى لتوظيفه وتوسيع دوره ويوجد من يسعى لحجبه وتقزيمه وتهميشه وثالث يريد الدخول بطاقية الاخفاء لتغريداته ومغرديه لعله يلج لما يدور بخواطرهم ويعرف حقيقة توجهاتهم. ومن المغردين من يملك ألف حساب وحساب يخاطب من خلالها كل قوم بما يرضيهم أو يناكفهم بما لا يرضيهم ويفعل كل ذلك من وراء ألف حجاب وحجاب. ولا سبيل للاستخفاف بتويتر فقد بلغ تأثيره مبلغاً يوجب التعامل المهني الاحترافي معه وخصوصاً من قبل المؤسسات والهيئات والوزارات والشركات، ليس فقط لترويج بضائعها وخدماتها ولكن لتوعية الرأي العام. ليس محل جدل أن من حق كل مغرد أن يدلي بدلوه وأن يصرح برأيه، لكن العجب عندما يكون الحافز «تجميع» المتابعين بأي صورة تسترعي انتباههم وإن كان على حساب المروءة ونظافة اللسان وسلامة القصد فالغاية عند هؤلاء تبرر الوسيلة. وهناك فرق بين التوعية والسعي لصناعة الرأي العام وصياغته وهيكلته وتقنينه والتأثير عليه فقد أصبح كل ذلك بفضل تويتر وامثاله أكثر صعوبة. وستجد من المغردين في تويتر «المتقلب» من يركب الصعاب لاثبات وجوده وتأثيره فتارة مهاجم وأخرى مدافع وثالثة مبادر، وستجده ساعةً سياسياً مهاجماً لشخص أو حزب أو تيار وأخرى مناصراً منافحاً لذات الشخص ولحزب أو لتيار.. لكنك ستجده في كل الساعات جياش العواطف يؤلب المستقر ليأخذ المبادرة، وكل أفعاله تلك مغامرة لرفع رصيده من المتابعين الذين أحياناً - دون ان يفطن وبفضل بهلونياته الفكرية - يتحولون إلى متفرجين! والعجب ممن يدخل بين «البصلة وقشرتها» فيحشر أنفه حشراً وهؤلاء اشتهروا في أوساط تويتر ب»المدرعمين» فينبس قبل أن يفهم، وهناك طائفة أخرى منافسة تسمى «المتحلطمين» في أعينهم الدنيا عبارة عن سواد قاتم ليس للإيجابية فيه مكان فإن تجرأتَ وذكرت ما يبث الأمل أصبحت في سجلهم «مطبلاً»، وهناك «المطبلون» الذين يريدون اقناع البرية بأن الحياة لونها «بمبي» تحفها السعادة والحبور من كل جانب! وليس محل جدل أن من حق كل مغرد أن يدلي بدلوه وأن يصرح برأيه، لكن العجب عندما يكون الحافز «تجميع» المتابعين بأي صورة تسترعي انتباههم وإن كان على حساب المروءة ونظافة اللسان وسلامة القصد فالغاية عند هؤلاء تبرر الوسيلة. وللانصاف تجد الكثير من المغردين من تتعلم من فضلهم علماً وأدباً وحكمة ورجاحة في الرأي وحذقاً في الطرح.. فتجده تارة يغرد لك بصورة ذات مغزى وأخرى يتحدى فكرك بطرح فيه عبرة. ولست هنا لأقول ما يُفعل وما لا يفعل في تويتر فهذا شأن لن أتصدى له، بل لأقول ان البهلوانيات التغريدية هي مجرد جهود استعراضية تستقطب جماهير كجماهير «أكلة الزجاج» و»نافثي اللهب» تثير ضجيجاً لبرهة، وبالمقابل تنبع تغريدات صاحب الرأي لتناول قضية فكرية او أحداث الساعة ولا يشترط أن تكون معقدة جادة أو نخبوية لكنك ستجد بين تغريداته جميعاً رابطاً يمثل خطه الفكري ونهجه، عكس من يظن أن التواجد النشط على تويتر يمثل كل القيمة بمعنى أن المهم هو أن يبقى يغرد ويغرد أما في ماذا فهذا تفصيل! هذه فلسفة خطرة تقوم على أن التغريدة أهم من جوهرها: خط أي 140 حرفاً المهم الاستقطاب لثوان ليس مهماً على حساب مَنّ، بل المهم تأجيج المشاعر فيتألم المتألمون ويصفق المصفقون.. في سبيل أن يكثُرّ المتابعون. توتير: @ihsanbuhulaiga