عندما قادتني خطواتي إلى هناك، لم أصدق نفسي، فالاسم «الكوميدي» الذي سمعته لأول مرة باستخفاف، يجلب علامات الاستفهام، وضعني وجهاً لوجه أمام مجموعة من البسطاء والحالمين بغزو سوق الشهرة في عالم الفن والنجومية الكبير. منذ عام 1939، حين افتتح المقهى، الذي كان اسمه نادي الكورسال، بالقرب من شارع عماد الدين الشهير في قلب القاهرة، حسب قول صاحبه عم الزناتي، وكان الوحيد في المنطقة. كان مأوى الموظفين الراغبين في استراحة قصيرة، ثم أصبح بعد سنوات مرتعاً للباحثين عن بقية أمل في الشهرة ولو كانت مؤقتة أو زائفة. أما لماذا تم إطلاق اسم «بعرة» على المقهى، فذلك حسب رواية البعض، أن صاحبه عم محمد الزناتي، رحمه الله، كان صعيدياً، وكان الناس يطلقون عليه اسم «بعرور».. ورشدي أباظة هو من حرف الاسم، إذ كان يقول لأصدقائه «ياللا نروح على بعرة» من قبيل السخرية والضحك، ليشتهر الاسم بعد ذلك. رغم أن المنطقة تعج ب9 مقاهٍ أخرى، إلا أن «بعرة» وعلى مدار قرابة 65 عاماً.. بات الأشهر، ورغم ضيق مساحته التي لا تكاد تتسع إلا لعدد قليل جداً من الطاولات قد تحتل مدخله المتواضع أيضاً، إلا أنه تقريباً لا يوجد فنان في مصر، لم يجلس يوماً عنده، ويذكر التاريخ أن من أشهر رواده رشدي أباظة، عادل إمام، محمود حميدة، الشحات مبروك، يوسف شعبان، توفيق الدقن، أحمد زكي، فريد شوقي، محمد سعد. ومحمد هنيدي، كما يأتي إليه خريجو معاهد التمثيل باحثين عن فرصة. أشكال وألوان من البشر، تجمعوا على كراسي بسيطة تكاد تكون متهالكة، تحت اللافتة الحمراء على جدار عتيق. حالمون من كل الأعمار، شباب وشيوخ في خريف العمر، ما بين أنفاس الشيشة، ودخان سجائر رخيصة، يجلسون في انتظار الفرصة.. فرصة واحدة فقط تمثل حلم عمر بأكمله، ضاع منه ما ضاع، وبقي منه ما بقى.. دور في مشهد سينمائي أو تليفزيوني، أو كومبارس ربما يكون عليه ألا ينطق بكلمة واحدة، إنما يظهر فقط كخيال ظلٍ في تبعية ممثل شهير. حسن كفتة، أقدم كومبارس في مصر.. عمل في هذه المهنة منذ عام 1948، عندما كان عمره 10 سنوات، مع سعد عبد الوهاب، ثم تدرج ليعمل مع فريد شوقي في فيلم «جعلوني مجرماً» وآخرها في فيلم «علي سبايسي» وغيره.