تستعد الأممالمتحدة والجامعة العربية لعقد مؤتمر دولي جديد يناقش القضية السورية، على ضوء اتفاقيات جنيف، بعد اتفاق روسي أمريكي أبرم الأسبوع الماضي أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لموسكو. وواضح أن المؤتمر لن يكون أكثر من تسويق لموقف التحالف الروسي الإيراني الذي دائماً يبدي موافقة على أي اجتماع لنسف أي تفاهمات دولية مساندة للشعب السوري، بهدف شراء الوقت لنظام الأسد. كما أن التحالف الإيراني الروسي يستمر في لعبة مكشوفة هي قبول أي مبادرة، والمشاركة فيها ليس لإنجاحها وإنما لتبديد الوقت وإجهاض أي جهود تهدف إلى وقف المأساة في سوريا. بل ان لعبة شراء الوقت وصلت بطهرانوموسكو لإجراء محادثات مع المعارضة، ليس لأي هدف إلا لتضييع الوقت الذي كان التحالف الروسي الإيراني يراه حاسماً وخطيراً في مصير نظام الأسد. ونجحت طهرانوموسكو في عقد مؤتمر جنيف الذي لم يكن له أي هدف إلا تجريد الثورة السورية من المساندة الدولية والتعاطف العالمي، وتحويل القضية الحقوقية في سوريا إلى قضية سياسية قابلة للنقاش والتفاوض. والغريب أن الجامعة العربية والأممالمتحدة توافقان على جولة أخرى من اتفاق جنيف، وهو اتفاق لا يصل إلى أي نهاية سوى أن يعطي نظام الأسد وقتاً اضافياً لتدمير المدن السورية وإرسال أعداد إضافية من السوريين إلى المقابر، ويعطي طهرانوموسكو وقتاً لارسال المزيد من الأسلحة المدمرة إلى سوريا. وإذا كانت الأممالمتحدة تعلق بين فكي موسكووطهران فإنه يتعين على الجامعة العربية أن تكون حاسمة وان توقف نشاطات التحالف الروسي الإيراني العابثة، لأن الشعب الذي تسلط عليه نيران الجحيم وتشن عليه حرب شعواء وتدمر مكتسباته وأرضه هو شعب عربي ويجب على الجامعة العربية ألا تقف متفرجة وأن تبادر إلى دعم الشعب السوري وتزويده بوسائل الدفاع عن النفس بوجه الأسلحة الإيرانية الروسية. وألا تدخل الجامعة في المساومات الروسية الأمريكية ولا في ألاعيب طهران التي تنشط لإبقاء نظام الأسد على قيد الحياة لمدة أطول حتى وإن كان الثمن اجتثاث الشعب العربي السوري وتدمير المدن السورية العربية. والأكثر احتمالاً أن مؤتمر الأممالمتحدة المقبل لن يحقق أي حلم بالسلام لدى السوريين، بقدر ما ينقل الحرب في سوريا إلى مرحلة جديدة أشد فظاعة. ولن يكون للمؤتمر أي فائدة إلا أن يستغل نظام الأسد ورعاته فترة تحضيرات المؤتمر لتكديس المزيد من الأسلحة الروسية الفتاكة، وأن تستقبل الأرض السورية المزيد من ميلشيات طهران المدربة على كره الهوية العربية، ولا دين لها ولا عقيدة إلا اجتثاث العروبة في العراق ولبنان والأحواز، وهي الآن تمارس فظاعاتها ومذابحها العنصرية في سوريا، تحت غطاء نظام الأسد وبرعايته وبموافقته. وأولى بوادر المؤتمر المنذرة بالخطورة هي أن الجامعة العربية تتلكأ في تسليم مقعد سوريا إلى المعارضة السورية على الرغم من الاعتراف العربي والدولي بهذه المعارضة بأنها ممثل شرعي وحيد للشعب السوري. ولا يوجد أي تفسير إلا أن الجامعة العربية أيضاً وقعت في فخاخ طهران وجهودها المحمومة لإطالة عمر الأسد ونظامه وتشريع القتل على الهوية.